بل لكل بلد أسلوباً خاصاً من البيان ولهجة متميزة عن غبرها ، فلهجة اليزدي غير لهجة الإصفهاني ، ونغمة الإصفهاني غير نغمة الطهراني والخرساني والكل فارسي إيراني ، وللأئمة سلام الله عليهم أسلوب خاص في الثناء على الله والحمد لله والضراعة له والمسألة منه يعرف ذلك من مارس أحاديثهم وآنس بكلامهم وخاض في بحار أدعيتهم ومن حصلت له تلك الملكة وذلك الأنس لا يشك في ان هذا الدعاء صادر منهم وهو أشبه ما يكون بأدعية الأمير ( ع ) مثل دعاء كميل وغيره فان لكل إمام لهجة خاصة وأسلوباً خاصاً على تقاربها وتشابهها جميعاً وهذا الدعاء في أعلى مراتب الفصاحة والبلاغة والمتانة والقوة مع تمام الرغبة والخضوع والاستعارات العجيبة انظر إلى أول فقرة منه ( يا من دلع لسان الصباح بنطق تبلجه ) واعجب لبلاغتها وبديع استعاراتها . وإذا اتجهت إلى قوله - يا من دل على ذاته بذاته - تقطع بأنها من كلماتهم سلام الله عليهم مثل قول زين العابدين ( ع ) بك عرفت وأنت دللتني عليك وبالجملة فما أجود ما قال بعض علمائنا الاعلام إننا كثيراً ما نصحح الأسانيد بالمتون فلا يضر بهذا الدعاء الجليل ضعف سنده مع قوة متنه فقد دل على ذاته بذاته - سبوح لها منها عليها شواهد - . ( السؤال الخامس ) على القول بوجوب تقليد الأعلم هل يتعين بالشياع في زماننا هذا مع شيوع بعض الأغراض الفاسدة من الأغراض السياسية [1] وغيرها أو لا بد من قيام البينة وإذا تعارضتا فأيتهما مقدمة .
[1] نعم ما صدع بالحق بعض الأساتذة بقوله : ألا قاتل الله السياسة والرياسة فما دخلا شيئاً إلا أفسداه . قلت ألا قاتل الله السياسة الغاشمة وعمالها الجائرة ذوي المطامع والأغراض الفاسدة من أرباب الأقلام المستأجرة في هذه الصحف والجرائد السوداء الذين لهم الدعايات الكاذبة والنيات الممقوتة في تعيين المرجع للتقليد والفتوى وقد تداخلت أيديهم الظالمة في هذه السنين الأخيرة في البلاد الإيرانية في تعيين المجتهد الذي يتعين الرجوع إليه ، ولذا قد يلتبس الأمر على العوام ولا بد لهم من التيقظ وعدم الغفلة في هذا العصر التعيس والتثبت والتحقيق في تعيين المرجع للتقليد وعدم الإصغاء لهذه الأصوات المنكرة وهذه الدعايات المشؤومة في الصحف والجرائد المنحوسة ولا سيما المنتشرة منها في هذه البلاد والرجوع في معرفة المجتهد والقائد المذهبي إلى تشخيص أهل الورع والتقوى والفضل والاجتهاد من العلماء ، وحقاً أقول وما في الحق مغضبة : انه ضاعت الموازين الشرعية والمعيار الصحيح في تعيين المرجع الديني في هذا الزمان ، وأضف إلى ذلك انه كثر من يدعى الاجتهاد وهذا المنصب العظيم من غير أهله ممن ليس له أهلية التصدي للفتوى أصلاً ، ولشيخنا الإمام دام ظله في الصفحة التي أشار سماحته إليها من السفينة أعني صفحة ( 61 ) كلمة نيرة أبان بها الحقائق الراهنة حيث كتب تعليقة على قول أخيه آية الله الفقيه المرحوم ( قدس سرّه ) في السفينة ( ومن ادعى الاجتهاد والأهلية فان كان ممن يحتمل في حقه ذلك حمل على الصحة ولم يفسق بذلك ولكن لا يجوز ترتيب الآثار بمجرد ذلك واما إذا خالف الضرورة في دعواه فشارب الخمر خير منه ) وذكر ما يلي : ( وما أكثر المدعين لهذا المنصب ولا سيما في هذه العصور التعيسة جهلاً بأنفسهم وبهذا المقام وما أكثر المخدوعين بهم جهلاً أو لغرض والغرض يعمي ويصم ولا حول ولا قوة إلا بالله ، وقد ذكرنا ان أحسن معيار للكشف عن صدق هذه الدعوى وكذبها هو الإنتاج العلمي وكثرة المؤلفات النافعة وان طريقة الأمامية من زمن الأئمة ( سلام الله عليهم ) إلى عصرنا القريب هو ان المرجعية العامة والزعامة الدينية تكون لمن انتشرت وكثرت مؤلفاته كالشيخ المفيد والسيد المرتضى والشيخ الطوسي الذي تكاد مؤلفاته تزيد على الأربعمائة والشيخ الصدوق له ثلاثمائة مؤلف وهكذا كان هذا هو المعيار الصحيح والميزان العادل إلى زمن السيد بحر العلوم صاحب المصابيح والشيخ الأكبر صاحب كشف الغطاء إلى الشيخ الأنصاري صاحب المؤلفات المشهورة التي عليها مدار التدريس اليوم أما الرسالة العملية وان تعددت فلا تدل على شيء وما أكثر ما يأخذها اللاحق من السابق وليس له فيها سوى تبديل الاسم أو تغيير بعض الكلمات واليه تعالى نفزع في اصلاح هذه الطائفة وتسديد خطواتها إلى السداد ان شاء الله ) ولله در القائل : وما أفسد الناس إلا الملوك * وأحبار دين ورهبانها القاضي الطباطبائي