المتناهية ، وهذا الفضاء المحيط بعوالم الأجسام هو الكرسي [ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ ] وهو المعبر عنه أيضاً بلسان الشرع ( بعالم الملك ) تبارك الذي بيده الملك ، ثم تحمل هذا الفضاء وكل ما فيه القوة المدبرة المتصرفة فيه وليست هي من الأجسام بل نسبتها إلى الأجسام نسبة الروح إلى الجسم وهذه هي ( العرش ) الذي يحيط بالكرسي ويحمله ويدبره ويصرفه ويتصرف فيه ، وتقوم تلك القوة بثمانية أركان كل واحد متكفل بجهة من لتدبير فتحمل ذلك العرش المحيط بالكرسي وما فيه وهي حملة العرش ، ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية ، ولعل هذه الثمانية هي الصفات الثمانية : العلم والقدرة والحياة والوجود والإرادة والسمع والبصر والادراك ، فهي بالنظر إلى نسبتها إلى تدبير الأجسام والسماء والأرض وما فيهما ( العرش الأولى ) وبالنظر إلى نسبتها إلى الذات المقدسة وانها صفات تلك الذات ( العرش الأعلى ) والملائكة الكروبيين ، والعرش الأعلى والأدنى هو عالم الملكوت ثم فوق القوة المدبرة للأجسام عالم العقول والمجردات والملائكة الروحانيين وهذا هو عالم الجبروت ، ثم يحيط بهذا العالم ويدبره ويتصل به عالم الأسماء والصفات والإشراقات والتجليات وهو عالم اللاهوت ، فانتظمت العوالم الأربعة هكذا عالم اللاهوت ، ثم عالم الجبروت ، ثم عالم الملكوت وهو العرش ، ثم عالم الملك وهو الكرسي أعني الأجسام والجسمانيات . أما أهل الهيئة القديمة من علماء المسلمين فقد جعلوا فلك الثوابت هو الكرسي ، والفلك التاسع الأطلس هو العرش ، ومهما كان الواقع فان كل هذه العوالم أشعة تلك الذات المقدسة الأحّدية ومضافة إليها إضافة اشراقية لا مقولية