ولكن أُشكل عليه بوجوه من الإشكالات مذكورة في محلّها . والصحيح أن يقال : كما أنّ العقل يحكم بلزوم امتثال أمر المولى يحكم أيضاً بلزوم تأمين أغراض المولى ، فقبل بلوغ ظرف العمل وإن لم يكن الوجوب فعليّاً ولكن علمنا بتعلّق غرض للشارع على نحو اللزوم بإتيان أعمال الحجّ في ظرفها ، وتحصيل أهدافه واجب بحكم العقل ، بل هو السبب للحكم بامتثال أوامره وإتيان تكاليفه . هذا كلّه بالنسبة إلى البالغين ، وأمّا بالنسبة إلى الصبيان ومقدّمات أعمالهم - التي تفوت بتركها إذا كان ظرف العمل بعد البلوغ وظرف المقدّمات قبله - فالحقّ عدم تماميّة كلا الوجهين ; لأنّ التكاليف الإلزاميّة مرفوعة عن الصبيان قبل بلوغهم ، وهي ساقطة بعد البلوغ لعدم القدرة على الإتيان ، فيحصل الفرق بينهم وبين البالغين في هذا المقام . كما أنّ هذا كلّه على مذهب مشهور الأصحاب من كون البلوغ شرطاً للإلزام ، وأمّا على ما ذكرناه - من كون الصِّغر رافعاً للمؤاخذة ، وكان توجّه الخطابات اللزوميّة بمجرّد العقل شاملا لكلّ ذوي اللبّ من الإنسان - فلا فرق بين البالغين وبين الصبيان ، فحينئذ ينحلّ الإشكال إمّا من طريق الواجب المعلّق أو من محاولة تأمين الغرض وتحصيل الهدف ، فإذا حصل البلوغ في ظرف الأعمال وكان لها مقدّمات يفوت العمل بتركها قبل البلوغ - من قطع المسافة وتعلّم الأحكام وغير ذلك - يحكم العقل بلزوم إتيان المقدّمات المذكورة تحصيلا للغرض كما في البالغين . ثمّ تفصيل الكلام والنقض والإبرام موكول إلى محلّه .