شرعيّ آخر - كحكمه بالملازمة في مسألة الإجزاء ومقدّمة الواجب ونحوهما ، وكحكمه باستحالة التكليف بلا بيان اللازم منه حكم الشارع بالبراءة ، وكحكمه بتقديم الأهمّ في مورد التزاحم - فإنّ هذه الملازمات وأمثالها أُمور حقيقيّة واقعيّة يدركها العقل النظري بالبداهة أو بالكسب ; لكونها من الأوّليات والفطريّات التي قياساتها معها ، أو لكونها تنتهي إليها ; فيعلم بها العقل على سبيل الجزم ، وإذا قطع بالملازمة لا بدّ أن يقطع بثبوت اللازم وهو حكم الشارع » [1] . ثمّ قال : « وأمّا العقل العملي فينحصر حكمه المستقلّ في خصوص مسألة التحسين والتقبيح ، وبعد ذلك يحكم العقل النظري بالملازمة بينها وبين الحكم الشرعي » [2] . الأمر الثاني : نُسب إلى علمائنا الأخباريّين [3] حصر الدليل على الحكم الشرعيّ في الأخبار ، وأنّه لا اعتبار بالعقل في الكشف عن حكم الله الواحد القهّار ولو كان مفيداً للقطع واليقين ، وأكثر كلماتهم لا تساعد على ذلك ; فإنّ صاحب الفوائد المدنيّة محمّد أمين الأسترآبادي - الذي هو من أعيان
[1] أُصول الفقه ( للشيخ المظفر ) : بحث الدليل العقلي ج 3 ص 126 - 127 . [2] المصدر السابق : ص 129 ( بتصرّف ) . [3] وهم الذين نبذوا حكم العقل والإجماع وجعلوا نصوص الكتاب وظواهره من المتشابهات ، كالأمين الأسترآبادي والشيخ خلف وغيره من علماء البحرين ، وأمّا من كان همّه في الحديث بحيث توغّل في جمعه وضبطه وتنقيح أسانيده فليسوا منهم ، بل يقال لهم : أصحاب الحديث ( راجع كتاب إحقاق الحق : ج 1 ص 168 - قسم التعليقات من آية الله المرعشي أعلى الله مقامه ) .