لم يحرز المفهوم العرفي بالرجوع إلى أهل العرف يمكن إحرازه بالرجوع إلى علماء اللغة [1] . إذا عرفت ذلك فأقول : قد استعملت كلمة السفاهة ومشتقّاتها في القرآن الحكيم في موارد تبلغ العشرة ، منها : قوله ( تعالى شأنه ) : ( فإن كان الذي عليه الحقّ سفيهاً أو ضعيفاً أو لا يستطيع أن يملّ هو فليملل وليّه بالعدل ) [2] ومنها : قوله ( تعالى شأنه ) : ( ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياماً ) [3] . وأمّا استعمالها في الروايات وكلام الفقهاء فكثير جدّاً ، فلا بدّ من تحقيق معناها وتحديد مفهومها لترتيب الأحكام المربوطة والآثار المذكورة في الكتاب والسنّة . وقد عرفت تفسيرها في موثّقة عبد الله بن سنان وصحيحة العيص ومرسلة الفقيه بمن يضيّع ويفسد . قال المحقّق النراقي : « وأمّا السفاهة فهي عبارة عن خفّة العقل ونقصانه وعدم كماله بالنسبة إلى عامّة أهل المعاش والمحاورات ، أي بالنسبة إلى العقل المحتاج إليه في طريقة المعاش والمعاملات والمصاحبة مع أهل المحاورات أو العادات ، كما يشهد به العرف وصرّح به اللغويّون والمفسّرون » [4] . وقال : « والعرف يساعد على ذلك ويدلّ عليه ; فإنّ كلّ من فسد عقله واختلّ يحكم أهل العرف بكونه مجنوناً ، وكلّ من خفّ عقله يحكمون بكونه
[1] انظر جواهر الكلام : كتاب الحجر / في موجباته ج 26 ص 48 . [2] البقرة : 282 . [3] النساء : 5 . [4] عوائد الأيّام : عائدة 53 ص 514 .