قال البيهقي تحت عنوان ( محاسن المسامرة ) ما نصه : [1] قال الكسائي دخلت على الرشيد ذات يوم ، وهو في أيوانه ، وبين يديه مال كثير ، قد شق عنه البدر شقا ، وأمر بتفريقه في خدم [2] الخاصة ، وبيده درهم تلوح كتابته ، وهو يتأمله ، وكان كثيرا ما يحدثني ، فقال : هل علمت من سن هذه الكتابة في الذهب والفضة ؟ قلت يا سيدي : هو عبد الملك بن مروان ، قال فما كان السبب في ذلك ؟ قلت : لا علم لي غير أنه أول من أحدث هذه الكتابة ، فقال سأخبرك : كانت القراطيس للروم ، وكان أكثر من بمصر نصرانيا على دين ملك الروم ، وكانت تطرز بالرومية ، وكان طرازها . ( أبا وابنا وروحا قديسا ) فلم يزل ذلك كذلك ، صدر الاسلام كله يمضى على ما كان عليه ، إلى أن ملك عبد الملك فتنبه عليه [3] وكان فطنا ، فبينما هو ذات يوم ، إذ مر به قرطاس ، فنظر إلى طرازه فامر أن يترجم بالعربية ، ففعل ذلك ، وأنكره ، وقال : ما أغلظ هذا في أمر الدين والاسلام أن يكون طراز القراطيس ، وهي تحمل في الأواني ، والثياب ، وهما يعملان بمصر ، وغير ذلك مما يطرز من ستور ، وغيرها ، من عمل هذا البلد ، على سعته ، وكثرة ماله وأهله ، تخرج منه هذه القراطيس ، فتدور في الآفاق . والبلاد ، وقد طرزت بشرك [4] مثبت عليها ، فأمر بالكتاب إلى عبد العزيز بن مروان ، وكان عامله بمصر ، بابطال ذلك الطراز على ما كان يطرز به من
[1] راجع المحاسن والمساوى ص 498 - إلى - 502 - ط ليسبيغ سنة 1902 م [2] كذا وفي بعض النسخ ( خدمه ) . [3] وفي بعض النسخ ( له ) . [4] بسطر . خ ل -