من كتاب الله عز وجل فقال : أول ما ضربت على عهد عبد الملك بن مروان والناس متوافرون فما أنكر أحد ذلك ، وما رأيت أهل العلم أنكروه ، ولقد بلغني أن ابن سيرين كان يكره ان يبيع بها ويشتري ، ولم أر أحدا منع ذلك هاهنا يعنى رحمه الله تعالى ، أهل المدينة النبوية . وقيل لعمر بن عبد العزيز ( هذه الدراهم البيض ) فيها كتاب الله تعالى يقبلها اليهودي ، والنصراني ، والجنب والحائض ، فان رأيت أن تأمر بمحوها فقال : أردت ان تحتج علينا الأمم ان غيرنا توحيد ربنا واسم نبينا صلى الله عليه وآله وسلم ؟ مات عبد الملك والأمر على ما تقدم ، فلم يزل من بعده في خلافة الوليد ، ثم سليمان بن عبد الملك ، ثم عمر بن عبد العزيز إلى أن استخلف يزيد بن عبد الملك فضرب ( الهبيرية ) بالعراق عمر بن هبيرة ، على عيار ستة دوانيق . فلما قام هشام بن عبد الملك وكان جموعا للمال أمر خالد بن عبد الله القسري في سنة ( 106 ) من الهجرة أن يعيد العيار إلى وزن سبعة وأن يبطل السكك من كل بلدة الا واسطا ( 1 ) فضرب الدراهم بواسط فقط ، وكبر السكة ، فضربت الدراهم على السكة الخالدية حتى عزل خالد في سنة ( 120 ) وتولى من بعده يوسف بن عمر الثقفي ، فصغر السكة وأجراها على وزن ستة ، وضربها بواسط
( 1 ) واسط : بكسر السين من أشهر مدن العراق في عصر العباسيين ، بناها الحجاج وكانت الدنانير والدراهم تضرب فيها ، وليس المراد هنا بواسط ، القرية التي بجوار مكة بوادي نخلة ، ولا التي باليمن ، وقد ضربت فيها نقود في عهد الفاطميين فقط ، ولا واسط خراسان وضربت فيها نقود بنى سامان ، ولا القرية التي ببلخ ، ولا التي بباب طوس ، ولا التي بحلب ، ولا غيرها ، وهى مدن وقرى ، سميت بواسط لكن المذكورة هنا هي ( واسط العراق ) وهى اليوم خربة يأوى إليها البوم ليلا ، والغراب نهارا ، وقد ضربت فيها نقود في عهد الأمويين والعباسيين ، وبنى بويه ، وبنى حمدان .