وقيل إن عبد الملك كتب في صدر كتابه إلى ملك الروم : ( قل هو الله أحد ) وذكر النبي صلى الله عليه وآله وسلم في ذكر التاريخ ، فأنكر ملك الروم ذلك ، وقال : إن لم تتركوا هذا ، والا ذكرنا نبيكم في دنانيرنا بما تكرهون ، فعظم ذلك على عبد الملك واستشار الناس فأشار عليه يزيد بن خالد بضرب السكة : وترك دنانيرهم وكان الذي ضرب الدراهم رجلا ، يهوديا من تيماء . يقال له ( سمير ) نسبت الدراهم إذ ذاك إليه . وقيل لها ) الدراهم السميرية ) [1] وبعث عبد الملك بالسكة إلى الحجاج فسيرها الحجاج إلى الآفاق . لتضرب الدراهم بها وتقدم إلى الأمصار كلها ، ان يكتب إليه منها في كل شهر . بما يجتمع قبلهم من المال . كي يحصيه عندهم ، وأن تضرب الدراهم في الآفاق ، على السكة الاسلامية ، وتحمل إليه ، أولا فأولا . وقدر في كل مائة درهم درهما عن ثمن الحطب ، واجر الضراب ، ونقش على أحد وجهي الدرهم ( قل هو الله أحد ) وعلى الآخر ( لا إله إلا الله ) وطوق الدرهم على وجهيه بطوق . وكتب في الطوق الواحد : ضرب هذا الدرهم بمدينة كذا ) وفي الطوق الآخر : ( محمد رسول الله ، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ، ولو كره المشركون ) . وقيل الذي نقشها فيها : ( قل هو الله أحد ، هو الحجاج ) وكان الذي دعا عبد الملك إلى ذلك أنه نظر للأمة وقال هذه الدراهم السود الوافية الطبرية العتق ، تبقى مع الدهر . وقد جاء في الزكاة ان في كل مائتين . وفي كل خمس أواق خمسة دراهم واتفق ان يجعلها كلها على مثال السود العظام ، مأتى عدد يكون قد نقص من الزكاة وان عملها كلها على مثال الطبرية ويحمل المعنى على انها إذا بلغت مأتى عدد ، وجبت الزكاة فيها فان فيه حيفا وشططا على أرباب الأموال ، فاتخذ منزلة
[1] وفي لسان العرب حكى ابن الاعرابى : أعطيته سميرية من دراهم كأن الدخان يخرج منها ولم يفسرها قال : عنى ابن سيده أراه دراهم سمرا ! وقوله كأن الدخان يخرج منها ) يعنى كدرة لونها أو طراء بياضها ! آه . قال الأب انستاس ماري الكرملي : هذا عجيب من ابن سيده انه لم يفهم معنى عبارة ابن الاعرابى فالسميرية هي هذه الدراهم التي ضربها اليهودي بأمر عبد الملك بن مروان ، ومعنى قوله ) كأن الدخان يخرج منها ) حديثة الضرب ، كأنه لم يمض على ضربها مدة فكأن اثر دخان الضرب عليها .