مناقشة الدليل السابق أقول : هذا ما قد أشار إليه الشيخ الأعظم ( 1 ) ، وقد أتممناه بتقرير منا ، وبهذا البيان يقال بنجاسة المضاف الملاقي ولو كان كثيرا . ولكنه لو سلمنا جميع ما قد أفاده من الاستفادة في تلك المسألة ، لا يتم الدليل هنا ، ولا في الكثير : أما في الكثير ، فلأن الانفعال والتأثر في القليل - في الجملة - أمر عرفي يدركه العقلاء ، وفي غيره لا بد من الالتزام بكشف الشرع ، والأدلة عنه قاصرة ، أو الالتزام بالتعبد بالسراية ، فهو كذلك ، ولا داعي إلى التعبد في الموضوع بعد إعمال التعبد في الحكم بالاجتناب . وأما في القليل من المضاف ، فلا يتم الدليل فيه أيضا ، لأن المستكشف هناك أمور ثلاثة : اقتضاء الملاقاة للسراية ، وقابلية الماء للانفعال حسب الأدلة الدالة على انفعال الماء القليل ، ومانعية الكرية عن الانفعال ، والأمر الأول والثالث في المضاف موجودان ومحرزان ، دون الثاني ، لأنه أول الكلام ، فالاستدلال به هنا مصادرة كما هو الواضح ، وإثبات قابلية المياه المضافة للنجاسة بأدلتها الخاصة ( 2 ) ، خروج عن هذا الدليل كما لا يخفى . وقد يستدل على المطلوب بالأولوية ، فإن الماء القليل إذا كان
1 - الطهارة ، الشيخ الأنصاري 1 : 292 . 2 - التنقيح في شرح العروة الوثقى 1 : 51 .