وإن قلنا : بأنها لا تورث شيئا ، أو لأن المشهور - من باب الجمع بين الأخبار - قالوا بالنجاسة ، فتستقر المعارضة ، فتكون الشهرة الفتوائية مرجحة . مع أن المعروف في عصر هذه المآثير ، عدم انفعال الماء القليل ، فتكون تلك الطائفة موافقة للعامة فتطرح ، إما لأجل المعارضة كما هو المشهور ، أو لتميز الحجة عن اللا حجة ، كما هو الحق عندي . نعم ، قضية إطلاق الكتاب مطهرية كل ماء ، وهذا يستلزم عرفا عدم تنجسه ، والالتزام به مع كونه مطهرا مشكل ، فيقع التهافت بين المرجحات والمميزات . ولكن قد عرفت عدم دلالة الكتاب على العموم المذكور ( 1 ) ، فتأمل . وقد يشكل حملها على التقية ، لأجل إمكان التوصل إلى الحكم الواقعي ، معللا بذهاب جمع من قدمائهم إلى ذلك ، كما عرفت . ولكنه مدفوع : بأن المناط في التقية ، ليس فتوى فقيه العصر ، بل المناط اشتهار الحكم بين الناس ، والتزام الخلفاء به ، وهذا هو الموجب للاتقاء ، ولا يشترط إمكان التفصي ، لأن الخوف من الظالم ، يوجد مع الاحتمال الضعيف ، ولا سيما في تلك المواقف الحرجة ، وخصوصا رعاية التقية في حقهم ( عليهم السلام ) ربما كانت أوجب من غيرهم .