وذلك لا لأجل أن هذه الجملة تعليل لأمر عرفي ، بل هي تعليل لأمر شرعي ، وهو ثبوت الاعتصام لماء البئر الذي يكون قليلا نوعا . وجه الاستظهار معلوم بعد كون الجملة الابتدائية حكما شرعيا ، والجملة الثانية من توابعها ، والثالثة الجملة الاستثنائية ، وهي من متعلقاتها ، والجملة الرابعة من متعلقات الثالثة ، فلا وجه لكون النظر في التعليل إلى الأمر المذكور تبعا . فلو ورد : أكرم زيدا يوم الجمعة ، أمام الأمير في السوق ، حتى إذا أهانك ، لأنه صديقي فإن التعليل ظاهر في إيجاب الاكرام ، ولا سيما بعد رجوع الضمائر من الأول إلى الآخر إلى البئر ، وخصوصا بعد تأبي مدخول حتى عن التعليل . بل لو قلنا : بأن نفس صيرورة الماء صافيا ، هي الطهارة العرفية الممضاة ، فتكون شرعية ، كما أشير إليه ، فحينئذ رجوع التعليل إليه يكون أبعد . وفي النتيجة يثبت الفرق بين ما كان الطهارة الشرعية لازمها ، أو كانت هي هي ، وقد علمت أن ما هو الأوفق بذوق العرف هو الثاني ، فيتعين رجوع العلة إلى الصدر ، ويعلم أن المطلوب يتم وإن لم تكن العلة تعليلا لأمر عرفي ، خلافا لما يظهر من القوم - رضوان الله تعالى عليهم - . وما قد يقال من : أن مفاد الصحيحة شرطية زوال الوصف ، وعلية المادة للطهارة معا ، وأن هذا هو مقتضى الجمع بين كون مدخول حتى علة غائية من الأمر بالنزح ، وكون المادة دخيلة في حصول المطلوب ، غير قابل للتصديق ، وتطبيق فتوى المشهور على الصحيحة ، غير كونها مقيدة فتواهم حسب الفهم العرفي والذوق والاعتبار ، فلا الاتصال شرط ،