مداركهم ، واختلاف عاداتهم وملكاتهم ، فهل يلحق الثاني بالأول ، أو ينعكس ، أو هو طاهر عند قوم ، ونجس عند آخرين ؟ وهذا يرجع إلى البحث حول أن موضوع النجاسة ، هو التغير الواقعي ، أو التغير جزء ، والادراك جزؤه الآخر . فإن قلنا بالأول ، فعلى القوم الثاني تبعيتهم للأول ، وتصديقهم في حصول الموضوع ، وهم في حكم البينة القائمة على الموضوع الشرعي . وإن قلنا بالثاني ، فيلزم اختلاف الحكم الواقعي حسب اختلاف نظرياتهم . وإن قلنا : بعدم لزوم تصديقهم في دعواهم التغير ، فيلزم اختلاف الحكم الواقعي والظاهري ، حسب اختلاف إدراكاتهم . وجوه . وهنا وجه آخر ، وهو أن موضوع النجاسة ، هو التغير الواقعي البالغ مرتبة الإحساس ، فلو اختلفت الطوائف في الحس ، فكل يتبع حسه وعقيدته ، ولازمه كون الماء الواحد طاهرا ونجسا واقعا ، والالتزام به مشكل جدا . ودعوى لحوق كل قوم خارج من المتعارف بالآخر ، مسموعة ، إلا في مفروض البحث . وهو ما لا ثالث في البين ، حتى يكون هو المرجع في الخروج عن المتعارف وعدمه ، وهذا أيضا شبهة في المسألة ، تؤيد ما سلكناه فيها ، فتأمل .