حكم الماء مجهول الحال وإن كان مجهول الحال ، فقد يقال : بأنه مجرد فرض ، لأن المياه كلها - حسب الخلقة الأولية - تكون مسبوقة بالقلة ( 1 ) . وفيه منع واضح ، لأن مياه البحار ليست كذلك ، لأن السحاب منها ، ولو كانت هي منها يلزم الدور أوا لتسلسل ، والالتزام بصحة التسلسل هنا - كما هو المحقق في محله ( 2 ) - لا يورث رفع الشبهة هنا كما هو الظاهر ، لتقدم الأصل - وهو الماء - على البخار - وهو الفرع - عند خلق الأرض . هذا ، ولا تحتاج المسألة إلى هذا البحث المضحك بعد صيرورة القليل كثيرا ، فإنه يزول عنه وصف القلة فإذا أخذ من البحر مقدار مشكوك الكرية ، فلا يمكن إجراء العدم النعتي ، لعدم إمكان الإشارة إليه ب " أن هذا كان قليلا وغير كر " كما هو الواضح . ولا ينبغي التعرض لمثل هذه المسائل ، إلا أن في عصرنا الطلاب في النجف الأشرف ، بلغوا ولم يدركوا ، وإني بعدما جئت من تركيا إلى هذه البلدة ، وبقيت فيها مدة ، وجدت أن أهل العلم هنا في سطح دان جدا ، ومحتاجون إلى عالم قوي الدرك ، راقية أفكاره ، ولعل الله بعد ذلك يحدث أمرا .
1 - التنقيح في شرح العروة الوثقى 1 : 223 . 2 - الشفاء ، الإلهيات ، المقالة الثالثة ، الفصل الأول : 330 ، وشرح المنظومة ، قسم الحكمة : 132 - 135 .