ثم بعد الفراغ عن ذلك ، واستكشاف الحد الشرعي فرضا ، يقع البحث في الجهات الأخر من التحديدات المروية في الأخبار ، الواصلة إلينا من حملة الدين ، وأولي الأمر - صلوات الله تعالى عليهم - . الجهة الأولى : في أن المدار في تحديد الكثير هو العرف قد مضى : أن ابن سيرين ومسروق ، ذهبا إلى أن الذي ينفعل هو القليل ، والذي لا ينفعل هو الكثير ، ولم يعينا حدا ( 1 ) . وهذا هو الحكم الذي يصدقه الوجدان والعرف بالضرورة ، لأن التحديدات في المسائل الاغتراسية ، ترجع إلى الاشكالات الكثيرة ، بخلاف ما إذا كان الأمر بيد العرف فإنه تارة يرى أن القطرة من البول في الأقل من الكر بمثقال لا تورث النجاسة ، والعذرة الواقعة في الأكثر منه تورث القذارة ، وهكذا . وأبواب النجاسات والطهارات ، مبنية على الاتساعات الشرعية والعفو في كثير من المواقف الموجبة لوقوع الناس في المشقات ، والحرج ، واختلال النظام . فعلى هذا ، الذي يعرفه العرف ويصدقه الذوق ، أن المياه مختلفة في الاستقذار بالملاقيات ، وأن الملاقيات متفاوتة في التأثير ، إلا أنه ليس - حسبما مر - المدار على عدم حصول القذارة العرفية من الماء الملاقي للعين القذرة ، لأنه يرجع إلى التفصيل في المياه والنجاسات ،