فعلى ما تقرر إلى هنا تبين : أن الماء الجاري ظاهر في الماء الذي فيه هذه الصفة على نعت الاستقرار في الجملة ، فلا بد فيه من مبدأ ومادة ، تكون هي منشؤه وأساسه وأصله . ما يتصور من أنحاء الجريان وتلك المادة وذلك المبدأ التكويني - بحسب التصور - كثيرة ، لأنها : تارة : تكون تحت الأرض . وأخرى : تكون على وجه الأرض . وثالثة : تكون في السماء . فما كانت تحت الأرض : تارة : تكون من قبيل النابع والخارج بقوة . وأخرى : تكون من قبيل الخزائن الموجودة فيه ، وبعد حفر القنوات تجري وتظهر على وجه الأرض . وثالثة : تكون بنحو الرشح والتعرق . ورابعة : تكون من قبيل النضح ، فيجمع الماء تحت الأرض يسيرا يسيرا ، ويظهر بطريق القناة على وجه الأرض . وما كانت على وجه الأرض أيضا ، فيها بعض الاحتمالات الماضية ، مثل كون المخزن في قلل الجبال ، والاحتمالات الأخر مثل كونها الثلوج و ( البروف ) وأمثالهما . وما كانت في السماء كماء المطر ، فإنه كثيرا ما يكون مبدأ السيلان