الإسلامية ، ومراقبة ذلك كله ، ومراقبة الأسعار أيضاً ، حتى لا تصل هذه الأسعار إلى حد الإجحاف بالفريقين : البائع ، والمبتاع ، على حد تعبير أمير المؤمنين « عليه السلام » في عهد الأشتر [1] . فإنها إن وصلت إلى ذلك ، فلا بد من وضع حد لها والمنع منها . . بل عبارة أمير المؤمنين في العهد تدل على لزوم التسعير غير المجحف بالفريقين ، فإن ذكر الإجحاف على البائع دليل على أن السعر مفروض عليه هو أيضاً . وقد رأينا أمير المؤمنين « عليه السلام » يتولى ذلك بنفسه أحياناً ، فعن أبي الصهباء ، قال : « رأيت علياً « عليه السلام » بشط الكلا ، يسأل عن الأسعار » [2] . وإن لم يمكن للحاكم أن يتولى مراقبة ذلك بنفسه ، فلا بد له من إنشاء جهاز يتولى ذلك ، تحقيقاً لأهداف الشارع المقدس ، كما هو واضح .
[1] يرى بعض المحققين : أن قوله « عليه السلام » في عهد الأشتر : « وأسعار لا تجحف بالفريقين من البائع والمبتاع » لعلها تختص بالاحتكار ، والبيع على المحتكرين ، لأن التشفي منهم ، قد يدفع إلى مصادرة أموالهم المحتكرة ، أو بيعها عليهم بأسعار زهيدة . فلا تكون هذه الجملة دليلاً على التسعير . . ونقول : إن الظاهر هو عدم اختصاصها بالاحتكار ، لأن الأمر بالمنع عن الإحتكار وإن كان قد تقدم في كلامه « عليه السلام » ، إلا أن مجرد المنع منه لا يستلزم البيع عليهم ، أو مصادرة أموالهم ، والتسعير عليهم ، كما أن البيع بموازين عدل ، والأمر بالسماحة بالبيع ليس مختصاً بصورة الإحتكار الذي تقدم الأمر بالمنع عنه . . وأما أمره بعقاب المحتكر فإنما جاء بعد هذه الجمل كلها ، فيظهر من العهد . . أن هذه أوامر مستقلة وعامة يجب العمل بها مطلقاً ولو في غير صورة الاحتكار . [2] ذخائر العقيى ص 109 .