قد عفا وادّفن ، وفيه لهم عمارة على المسلمين ، فانظر أنت وهم ، ثم اعمر ، وأصلح النهر ، فلعمري ، لأن يعمروا أحب إلينا من أن يخرجوا ، وأن يعجزوا أو يقصروا في واجب من صلاح البلاد ، والسلام . . » [1] . نعم . . وإن هذه السياسة ، لا تختص بأهل الذمة ، وإنما هي تعم غيرهم أيضاً ، فإن رسول الله « صلى الله عليه وآله » قد أرسل بخمس مئة دينار إلى أهل مكة ، معونة لهم ، حينما ابتلوا بالقحط . . [2] كما أنه قد أرسل إليهم بعد الفتح بمزيد من الأموال ، فراجع . . [3] . وما ذلك إلا لأن الإسلام يريد للناس الراحة والسعادة ، وأن يستفيدوا من الخيرات التي تقع تحت اختيارهم بالطرق المشروعة . . شريطة أن لا يستخدموا ذلك في الحرب ضد الإسلام والإنسان ، أو يتقووا به على ذلك . . هذا . . وقد ذكروا في ترجمة : « سيما البلقاوي » وكان نصرانياً ، قدم المدينة في تجارة ، فأسلم - ذكروا عنه - أنه قال : « حملنا القمح من البلقاء إلى المدينة ، فبعنا ، وأردنا أن نشتري تمراً من تمر المدينة ، فمنعونا ، فأتينا النبي « صلى الله عليه وآله » ، فأخبرناه . . فقال للذين منعونا : أما يكفيكم رخص هذا الطعام ، بغلاء هذا التمر الذي
[1] تاريخ اليعقوبي ج 2 ص 203 . [2] المبسوط للسرخسي ج 10 ص 92 وآثار الحرب في التشريع الإسلامي ص 522 عنه وعن شرح السير الكبير ج 1 ص 70 . [3] طبقات ابن سعد ج 4 ص 296 .