نام کتاب : الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية نویسنده : الشهيد الثاني جلد : 1 صفحه : 165
إزاء اشتغاله بالدراسة . وعز على الطالب الناشئ أن يفقد والده الذي كان يحنو عليه ويحفه بعنايته ورعايته أيام الدراسة ، إلا أنه كان أجلد وأقوى من أن يغير سيره في الدراسة والبحث لمثل هذه الحوادث التي تعرض الإنسان في الحياة . ولم يشأ ( الشهيد ) أن يبقى ثابتا على المستوى الفقهي الذي بلغه حتى هذا الوقت ، ويحتل مكان والده ، فقد كان يرنو إلى مستوى أسمى من ذلك . والذي يميز الرجال البارزين في التاريخ عن غيرهم ليس الكفاءة والنبوغ وحده ، وإنما هو قبل ذلك الثبات والصمود أمام المشاكل التي تعترضهم في الطريق ، والهمم العالية التي تدفعهم دائما إلى الأمام وكان ( الشهيد ) من أولئك الأفذاذ من الرجال الذين لم يركنوا إلى الراحة والهدوء والاستقرار ، ولم تتقاعس بهم هممهم عند حد من الفضل والمكانة . فرأى ( الشهيد ) في ( ميس ) [1] وهو بعد لم يتجاوز سني المراهقة بهجر وطنه ، ويذهب إلى ( ميس ) لتكميل دراسته ، فحضر فيها على الشيخ الجليل ( علي بن عبد العالي الكركي ) قدس الله سره من سنة 925 حتى سنة 933 ، وقرأ عليه ( شرايع الإسلام ) و ( الإرشاد ) وأكثر ( القواعد ) . وفي غالب الظن أن دراسة ( الشهيد ) في هذا الدور للشرائع والإرشاد والقواعد لم تكن دراسة سطحية ، وإنما كانت شيئا بين البحث النظري والاجتهاد ، وبين دراسة السطح . .