في المؤمنين كما صرّح به من حمل قوله عزّ وجلّ : * ( فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ ) * [1] ، وقوله سبحانه : * ( فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ ) * [2] ، على مَنْ عدا المؤمنين من فرق الكافرين انتفى موضعها لنفيه الإيمان عن المصرّ على الصغائر ، فأولى منه مرتكب الكبائر ، وأنّ غير المصرّ والمرتكب الكبائر من المحسنين ، والله جلّ وعلا يقول : ( ولا سبيل على المحسنين ) [3] ، والمقصودُ الإِفهامُ وإنْ خرج السؤال بطريق الإلزام ) . انتهى كلامه ، زِيد إكرامه . أقول : قوله سلَّمه الله تعالى - : ( وحيث حصر . . إلى قوله : انتفى موضعها ) لا أعلم وجهاً لدلالة الجواب على انتفاء موضوع الشفاعة لنفي الإيمان عن المصرّ على الصغائر ، فأوْلى منه مرتكب الكبائر إِذْ عدمُ الملازمة بين الحصر والانتفاء ظاهرٌ بلا خفاء لأنّ الحمل المذكور إنّما هو لردّ استدلال الوعيديّة على إسقاط الشفاعة بالكليّة ، ومحصّله نفي الشفاعة للكافرين ومَنْ بحكمهم من المخالفين المنتحلين ، وإثباتها لغيرهم من فسقة المؤمنين ، المراد بهم مَنْ كانوا من الإماميّين ، إذ الفسقُ هو الخروج عن طاعة ربّ العالمين مع الإيمان به وبالأنبياء والمرسلين . وأمّا نفي الإيمان عن المصرّ على الصغائر الذي استفدتم من فحواه النفي عن مرتكب الكبائر ، فالوجه من استظهاره من الجواب من أوّله إلى آخره غير ظاهر ، بل هو خلافُ الظاهر لقولي في الجواب عن الشقّ الأوّل من سؤالكم : بأنّه حصرٌ غير حاصر لبقاء مرتكب الكبائر ، والمصرّ على الصغائر . . إلى آخره . وفي الجواب عن الشقّ الثاني منه : بمنع أنّ مرتكب الكبائر غيرُ مرتضىً لتفسير الآية بمَنْ ارتضى دينه ، لا مَنْ ارتضى فعله ، فيدخل الفاسق المؤمن وإنْ ارتكب الكبائر لأنّ الإيمان بالمعنى العام هو التصديق بالله ورسوله . . إلى آخر ما ذكرتُه في الجواب .
[1] الشعراء : 100 . [2] المدثر : 48 . [3] كذا ورد في كلام السائل ، وسيأتي من المصنِّف رحمه الله بيانُ انّ الآية هي : * ( ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ ) * التوبة : 91 .