ويدلّ عليه أيضاً الأخبارُ الكثيرة الواردةُ في هذا الباب عن الأئمة الأطياب ، من أنّ الثواب والعقاب على قدر العقول والألباب [1] . الزيادة والنقصان في العقل وأمّا قوله سلَّمه الله تعالى - : ( وهل هو يقتضي الزيادة والنقصان ؟ ) . فالجواب : أنّك قد عرفت من معاني العقل السابقة في أوّل الجواب أنّه يقبلُ الزيادةَ والنقصان في كلّ معنىً بما يناسبه ، ممّا يتعلَّق بأمرِ المعاش أو المعاد . وفي ( البحار ) نقلًا من كتاب ( الاختصاص ) عن الصادق عليه السلام أنّه قال : « يزيدُ عقلُ الرّجل بعدَ الأربعين إلى الخمسين والستين ، ثمّ ينقصُ بعد ذلك » [2] . ومعناه : أنّه يبتدئ في استكمالِ الزيادة والكمال بكمال الأربعين ، وينتهي استكمالُ الزيادة والكمال بكمال الستين . وهذا هو السرُّ في كون وعد موسى أربعين لأنّ مراتبَ الوجود تكونُ أربعين لأنّ الإنسان خُلق من عشر قبضات : من الأفلاك التسعة ومن الأرض ، وأُديرت كلٌّ من العشر ثلاث دورات فصار ثلاثين ، ثمّ أُديرت رابعةً فتمّت أربعين ، فبالدورة الأولى تتمّ العنصريّة ، وبالثانية تتمُّ المعدنيّة ، وبالثالثة تتمّ النباتيّة ، وبالرابعة تتمّ الحيوانيّة [3] . وإليه الإشارةُ أيضاً بقوله تعالى : * ( حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ وبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ ) * [4] الآية . وهو أيضاً من أسرار ابتداء اسمِ نبيّنا الجامعِ لجميع الكمالات في جميع الأطوار والنشآت بالميم لكون عدد قواها أربعين ، إشارةً لابتدائه صلى الله عليه وآله بمراتبِ الكمال في الوجود البياني .
[1] انظر : الكافي 1 : 12 / 8 ، الوسائل 1 : 40 ، أبواب مقدّمة العبادات ، ب 3 ، ح 4 . [2] البحار 1 : 131 / 27 ، الاختصاص ( المفيد ) : 244 ، بتفاوتٍ يسيرٍ . [3] انظر : تفسير القرآن ( ملا صدرا ) 3 : 370 ، وعوارف المعارف ( ضمن الملحق لإحياء علوم الدين ) : 122 . [4] الأحقاف : 15 .