العمل بعموم القرآن ، كنفي السبيل للكافر على المؤمن ، والعمل بالعامّ أو المطلق من الأخبار ، مع أنّه معارض بإجماعهم على حمل العامّ على الخاصّ ، والمطلق على المقيّد . وكما نقل إطباق الإماميّة على المضايقة اعتماداً على إيرادهم الروايات الدالَّة على ذلك ، وأنّهم ذكروا : أنّه لا يحلّ ردّ الخبر الموثوق برواته ، بناءً على استلزام ذكر الخبر عمل الذاكر ، وعلى ظنّه دلالة تلك الأخبار عند أُولئك الأخيار على الوجوب ، وأنّ رواة تلك الروايات موثوق بهم عند أُولئك السراة . ولا يخفى أنّ هذه المقدّمات الثلاثة لا تستلزم هذا المطلوب بالإثبات : أمّا الأُولى ، فهي وإن كانت غالبةً ، لكن لا تستلزم القطع للقطع بتخلَّفها في كثير من الموارد ، فمرجعها إلى الاستقراء الناقص ، وحاله غير خفيّ على أهل الفن . على أنّ كثيراً ممّن ذكر أخبار المضايقة قد أورد أخبار المواسعة ، فلو استلزم مجرّد الإيراد للعمل لزم الجمع بين النقيضين . وأمّا الثانية فلأنّ دلالتها على الوجوب عنده لا تستلزم دلالتها عندهم عليه ، إذ لعلَّهم فهموا منها بالقرائن الخارجيّة تأكَّد الاستحباب . وأمّا الثالثة فلأنّ وثوقه بأُولئك الرواة لا يستلزم الوثوق بهم عند أُولئك السراة . وكما نقل الإجماع على نزح البئر كلَّه لموت الكافر استناداً إلى فتواهم بنزحه لو وقع حيّاً ، مع أنّ القائلين بذلك الحكم هم الفارقون بين الموت والحياة وقوفاً على ظاهر النصّ المقتضي للفرق ، ولا يخفى أنّ ما نحن فيه من هذا القبيل ، فإنّ إجماعهم على وجوب الإخفات في الأخيرتين لا يستلزم دخول البسملة في ذلك لتصريح أُولئك المجمعين بخروج حكم البسملة من البين . وما أحسن ما قاله بعض الأعلام في هذا المقام ، حيث قال : ( إنّ الاتّفاق على لفظٍ مطلق شامل لبعض أفراده الذي وقع فيه الكلام لا يقتضي الإجماع على ذلك الفرد لأنّ المذهب لا يصار إليه من إطلاق اللفظ ما لم يكن معلوماً من القصد ، لأنّ الإجماع