ومشروعيّة القيام على قبورهم ، بقوله تعالى : * ( ولا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً ولا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ ) * [1] ، مع أنّ موردها النهي عن الصلاة على المنافقين والكفّار ، والقيام على قبورهم للدعاء وسؤال الرحمة عليهم ، معلَّلًا بكفرهم ، فيزول النهي بزوال العلَّة التي هي الكفر ، ويثبت الأمر بها في حقِّ المسلمين . ولا يخفى على ذي نظر أنّ حال الاستدلال بالآية كحال الاستدلال بالخبر . 33 ومنها : ما رواه في ( البحار ) عن كتاب ( فقه الرضا عليه السلام ) ، حيث قال في بيان كيفيّة الصلاة وآدابها ، بعد الدعاء الثالث من أدعية التكبيرات الافتتاحيّة ، وهو دعاء التوجّه : « أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ، بسم الله الرّحمن الرّحيم ، وتجهر ببسم الله على مقدار قراءتك » [2] . . إلى آخره . والظاهر أنّ مراده بتقييد الجهر بمقدار القراءة بيان حدّ الجهر بها ، وأنّه ليس مغايراً لحدِّ سائر القراءات الجهريّة . والنكتة فيه : أنَّه لمّا تكثّر الحثّ على الجهر بها ، والتظلَّم من مخفيها ، ربّما يتوهّم متوهّمٌ أنّ الجهر بها زائدٌ على الجهر بغيرها ، فبيّن عليه السلام أنّ الجهر بها على حدِّ الجهر بغيرها لتأدّي النسبة بإسماع الغير ، الذي هو أقلّ الإجهار ، فاعتبروا يا أُولي الأبصار . 34 ومنها : ما رواه الشيخ قدس سره موثّقاً عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، أنّه قال : « ينبغي للإمام أنْ يُسمع مَنْ خلفه كلّ ما يقول ، ولا ينبغي لمن خلف الإمام أنْ يسمعه شيئاً ممّا يقول » [3] . أقول : التقريب في هذا الخبر : أنّ البسملة ممّا يقوله الإمام ، فينبغي إسماعها مَنْ خلفه قضاءً للعموم المستفاد من الكلَّيّة ، خرج غيرها بالدليل الخارجي كقوله في صحيح صفوان : ( جهر بالبسملة ، وأخفى ما سوى ذلك ) [4] ، وغيره من الأخبار الآمرة
[1] البحار 81 : 206 / 3 . [2] التهذيب 3 : 49 / 170 ، الوسائل 8 : 396 ، أبواب صلاة الجماعة ، ب 52 ، ح 3 . [3] التهذيب 2 : 68 / 246 ، الوسائل 6 : 134 أبواب القراءة ، ب 57 ، ح 2 . وفيهما : ( بسم اللَّه الرحمن الرحيم ) بدل : ( البسملة ) . [4] المعجم الكبير 11 : 149 / 11442 ، وفيه عن ابن عباس . سنن الدارقطني 1 : 302 / 2 . بتفاوتٍ فيهما .