علم الرجال ، إذ ليس في سنده مَنْ يتوقّف في حاله ، إذ كلَّهم إماميّون ممدوحون بالتوثيق ، كما لا يخفى على مَنْ شرب بكأس رحيق التوفيق . إلَّا إنّه بطريق ( الاستبصار ) قد اختلف فيه علماؤنا الأبرار ، فمنهم من عدّه في الحسن لاشتماله على الحسين بن الحسن ، ومنهم من عدّه في الصحيح ، ولعلَّه هو الصحيح . وقد صحّح العلَّامة وابن داود طرقاً كثيرةً هو فيها ، كما نقله عنهما الشيخ ياسين في ( معين النبيه ) ، والمحدّث الصالح الشيخ عبد الله بن صالح في ( منظومة الرجال ) ، وصرّحا بعدِّ حديثه في الصحيح . وكيف كان ، فالخلاف هنا قليل الجدوى لاتّفاقهم على قبول حديثه والعمل به لكونه من مشايخ الإجازة . وقد نطق هذا الصحيح بلسان البيان الصريح بأنّه عليه السلام كان يداوم على الجهر بها في جميع الصلوات ، قضاءً لصيغة ( كان ) المشعرة بالدوام . ودلّ قوله : ( فإذا كانت صلاة لا يجهر فيها بالقراءة ) . . إلى آخره ، على أنّه يجهر بها إذا قرأ الأخيرتين ، لتعميمه الجهر بها في الصلاة غير الجهريّة ، وهو شاملٌ للأخيرتين . وهذا الصحيح وإنْ دلّ بظاهره على عدم قراءة السورة ، إلَّا إنّ خبر صفوان المرويّ في ( الكافي ) [1] دلّ على قراءتها لقوله فيه : ( وكان يجهر في السورتين جميعاً ) . ثمّ لا يخفى على ذي ثبات ما فيه من عدم الدلالة على الاختصاص بالأُوليين بإحدى الدلالات ، إذ قصارى ما دلّ عليه الصدْرُ أنّه يقرأ في فاتحة الكتاب بالبسملة ، والعجزُ على أنّه يجهر بالبسملة في الصلاة الإخفاتيّة ، ويخفي ما سواها من أجزاء الفاتحة . وكلاهما لا يدلّ على الاختصاص ، بل دلالتهما على العموم ظاهرة ، ولات حين مناص لأنّه عليه السلام إمّا أن يكون في الأخيرتين قارئاً ، أو مسبّحاً .
[1] الكافي 3 : 315 / 20 ، وليس فيه : ( وكان يقرأ في فاتحة الكتاب بسم اللَّه الرحمن الرحيم ) .