ومثله الشيخ الفقيه محمّد بن علي بن حمزة الطوسي المشهدي في كتابه ( الوسيلة لنيل الفضيلة ) ، حيث قال في تعداد الكيفيّة المندوبة : ( والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم في ما لا يجهر بالقراءة فيه في الموضعين ) [1] . . إلى آخره . هذا إنْ أراد بالموضعين الحمد والسورة ، بناءً على أنّ ذكرهما قرينة على الأُوليين ، وأمّا لو أريد بهما مطلق الظهر والعصر أو موضعا التعيين والتخيير ، فانطباقه على القول المشهور في محلٍّ من الظهور . بل يمكن إرجاعه إليه على المعنى الأوّل أيضاً بناءً على أنّ المراد الحمد مطلقاً حيث كانت ، سواء اجتمعت مع السورة أو انفردت ، مع ظهور قوله رحمه الله : ( في ما لا يجهر فيه بالقراءة ) في شمول ما نحن فيه ، فسبيل هذه العبارة سبيل عبارة المحقّق [2] وغيره ممّن عمّم الجهر في جميع مواضع الإخفات مع التعبير بالحمد والسورة في تلك العبارات . ولعلَّك بعد الإحاطة بما ذكرناه في وجه تخصيص الحلبي بالأُوليين تقدر على تثبيته الاستحباب في الأخيرتين . فإنْ قيل : تعبير السيّد السند في ( المدارك ) [3] بالأكثريّة حيث نسب التعميم إلى قول الأكثر يقتضي كون القول باختصاص الجهر بها بالأُوليين أيضاً كثيراً قضاءً لحقّ صيغة التفضيل ، إذ احتمال انسلاخها عنه يحتاج إلى دليل . قلت : إنّ الكثرة المدلول عليها بصيغة التفضيل الدالَّة على المشاركة في الأصل والزيادة عليه قد توجّهت إلى سائر الأقوال التي ذكرها كقوله وقول القاضي وأبي الصلاح وابن الجنيد ، فما حظَّه من تلك الكثرة إلَّا سهم من أربعة ، فهي بالنسبة إلى كثرة القائلين بالتعميم في الأُوليين والأخيرتين مطلقاً غير ملحوظة أصلًا ، فتأمّل . القول الرابع : استحباب الجهر بها للإمام خاصّة في الأُوليين والأخيرتين ، وأمّا المنفرد فيجهر بها في الجهريّة ، ويخفت بها في الإخفاتيّة .