المفوّت للمتابعة ، وبين قطعها المحصّل لها : فأمّا على القول باستحباب القراءة وعدم فوات القدوة بالإخلال بركن أو ركنين ولو عمداً كما عزي للمشهور ، سواء جعلنا وجوب المتابعة تعبّديّاً على المشهور أو شرطيّاً على غيره فلا إشكال . كما لا إشكال أيضاً على القول بوجوبها وعدم الفوات بالإخلال المذكور . وأمّا على القول بالوجوب وفوات المتابعة بالإخلال ولو بركنٍ في غير السهو ، فوجهان ، بل قولان ، منشأهما : عدم النصّ الخاصّ في هذا العنوان ، ويظهر من صحيح معاوية بن وهب السابق [1] تقديمُ المتابعة على إتمام القراءة فإنّ مناط قضاء القراءة لخوف عدم الإمهال إنّما هو تحصيل المتابعة ، بل قد استدلّ عليه أيضاً بصحيح زرارة [2] الآمر بالسورتين مع الإمكان ، وإلَّا فالفاتحة ، فإنّ ظاهره أيضاً أنّ المناط إنّما هو تحصيلها . وقد يقال عليه : إنّ الاجتزاء بالفاتحة في صحيح زرارة الخالي عن المناط لا يستلزم الاجتزاء بأبعاضها ، بخلاف صحيح ابن وهب المشتمل عليه ، إلَّا أنْ يستفاد من ضمّ أحدهما للآخر تنقيح المناط . نعم ، يمكن الاستدلال عليه مضافاً لصحيح ابن وهب المذكور بما عن ( دعائم الإسلام ) [3] بطريقين عن الصادق عليه السلام ، وما عن الفقه الرضوي [4] من الاجتزاء بما يدركه ، مؤيَّداً بالأخبار العامّة الدالَّة على الإتيان بالميسور ، ففي النبوي المشهور : « إذا أمرتكم بشيءٍ فأتوا منه بما استطعتم » [5] . وفي المرتضويّتين : « ما لا يدرك كلَّه لا يترك كلَّه » [6] ، و « لا يسقط الميسور بالمعسور » [7] . والطعن فيها من حيث السند مدفوعٌ باشتهار العمل بها في جميع الأعصار ، بل صار كالمسلَّمات بين جميع المتشرّعة في جميع الأمصار ، مضافاً للاستقراء في
[1] التهذيب 3 : 45 / 158 . [2] دعائم الإسلام 1 : 244 - 245 . [3] الفقه الرضوي : 144 . [4] مسند أحمد 2 : 258 . [5] غوالي اللئالي 4 : 58 / 207 . [6] غوالي اللئالي 4 : 58 / 205 ، وفيه عن النبيّ صلى الله عليه وآله . [7] المنتهى 1 : 384 .