وحملوا أخبار الأمر بالإنصات على الاستحباب ، وأخبار النهي عن القراءة على الكراهة ، وكلاهما لا يخلو من نظر . أمّا الأوّل فلأنّ مقابلة الإنصات عند السماع في الجهريّة بالقراءة عند عدم السماع فيها ممّا يدلّ على أنّ المراد بالإنصات عدم القراءة ، فيكون دليلًا للمحرّم لا عليه . وأمّا الثاني فلأنّ حملَ هذه الأخبار المتكثّرة على الندب والكراهة من غير معارض خروجٌ عن ظاهر اللفظ بلا دليل ، كما لا يخفى على نبيه نبيل ، مع أنّ فيها ما يأبى الحمل على الكراهة ، كصحيح زرارة ومحمّد بن مسلم [1] ، الدالّ على أنّ من قرأ خلف إمام يأتمّ به بعث على غير الفطرة ، فتأمّل . مبنى الخلاف في المسألة الأُولى وهل الخلاف في الحرمة والكراهة مبني على الخلاف في وجوب الإنصات واستحبابه فيجزي الخلاف في الأذكار ، أم لخصوص قصد الجزئيّة بها حرمةً أو كراهةً ؟ وجهان ، بل قولان ، وربّما يشهد للأوّل الظواهر المعلَّلة لترك القراءة بالأمر بالإنصات . لكن ينافيه تنافي الشهرتين في المسألتين ، بل لم ينقل شرطيّة الإنصات في صحّة القراءة إلَّا عن ابن حمزة [2] لجعله من واجبات الاقتداء الإنصات لقراءة الإمام . كما يشهد للثاني تعليل النهي عن القراءة بالبعث على غير الفطرة ، إلَّا أن يحمل على إرادة القراءة بقصد اللزوم ، كما هو قول الخصوم ، إذ بعثهم على غير الفطرة معلوم . ولعلّ الأشهر الثاني ، ويؤيّده فحوى ما في خبر حُمَيْدِ بن المثنى ، بل صحيحه ، عن الصادق عليه السلام : أكون خلف الإمام وهو يجهر بالقراءة ، فأدعو وأتعوّذ ؟ قال : « نعم ،
[1] الكافي 3 : 377 / 6 ، الوسائل 8 : 356 أبواب صلاة الجماعة ، ب 31 ، ح 4 . [2] الوسيلة : 106 .