العبادة إلَّا ذلك ، فإذا لم يستحقّ غيره تعالى للعبادة لم يوجد واجب وجود غيره تعالى ، وإلَّا لاستحقّ العبادة قطعاً ، وإذا لم يوجد لم يكن ممكناً ، فنفي كلّ من الإمكان والوجود واستحقاق العبادة يستلزم نفي الآخر ، وإثباته يستلزم إثباته . وفيه : أوّلًا : ما مرَّ من أنّ استحقاق العبادة وإنْ استلزم وجوب الوجود واقعاً ، ولكنّه عند الكفَّار ليس كذلك لأنّهم مع اعتقادهم استحقاق الأصنام للعبادة يعتقدون أنّها ليست واجبة الوجود كما تشهد به الوجادة . وثانياً : أنَّ هذه الاستلزامات إنّما يتنبّهُ لها ذوو الأفكار الصافية والتدقيقات ، وأمّا سائر العوام فبينهم وبينها أتمّ حجاب ، كما اعترف به صاحب الجواب . وأُجيب عن الثاني : بأنَّ المتأخّرين وإنْ فهموا من كلام الشيخ أنَّ المعتبر هو الاتّصاف بالفعل بحسب نفس الأمر وجعلوا كثيراً من الأحكام دائراً عليه ، إلَّا إنَّه صرّح في ( الشفاء ) [1] و ( الإشارات ) بخلافه وجعل الاتِّصاف أعمّ من أنْ يكون في نفس الأمر أو في الفرض . قال في الإشارات : ( كلّ واحد ممّا يوصف ب ( ج ) سواء كان موصوفاً ب ( ح ) في الفرض الذهني أو في الوجود ) [2] . ولا يخفى أنّه لا بدّ من أخذ إمكان الاتصاف معه كما صرّحوا به . فالفرق بين المذهبين مجرّد زيادة الاعتبار في مذهب الشيخ ، فلا يتّجه السؤال على شيء من مذهبه لأنّ السالبة تصدق بانتفاء الموضوع ، فيصدق نفي استحقاق الأُلوهية عن غير الله تعالى لأنَّه ليس ( لا إله ) فرد ممكن غيره تعالى بمستحقّ للعبادة ، ومفهوم تلك الكلمة نفي استحقاق الأُلوهية عن جميع الأفراد الممكنة الاتّصاف بالمعبوديّة غير الله تعالى . وفيه : أنَّه مع غض النظر عمّا يرد على أطرافه من المناقشات وتمام تلك التعسّفات ، لا يدفع جميع الإيرادات ، فتأمّل .