إسم الكتاب : الرسائل الأحمدية ( عدد الصفحات : 417)
بالحقّ لا يمكن أنْ يكون غير واجب الوجود لذاته ، وكلّ ما لا يكون موجوداً فليس بواجب الوجود لذاته ، فنفي المعبود بالحقّ غير الله نفي إمكانه لأنّه لو أمكن لكان واجب الوجود ، وإذا كان واجب الوجود يكون معبوداً بالحق البتة . وبعبارة أخرى أخصر : نفي الوجود يستلزم نفي الإمكان ، إذ لو اتّصف فرد آخر بوجوب الوجود لوجد ، فإذا لم يوجد علم عدم اتّصافه به ، وما لم يتّصف به لم يمكن أنْ يتّصف به [1] . وفيه : أنَّ المقصود من هذه الكلمة الشريفة إنّما هو نفي استحقاق العبادة عن غير الله تعالى . وهو وإنْ استلزم وجوب الوجود واقعاً لكنّه ليس كذلك عند الكفّار لأنّهم مع عبادتهم الأصنام والأشجار يعتقدون أنَّها ليست واجبة الوجود فلا يلزم من اعترافهم بنفي الإمكان نفي الإمكان ، فلا تكون حينئذ نصّاً في الإيمان . وقيل : تقديره ممكن . وأُورد عليه : بأنّ إمكانه لا يستلزم وجوده بالفعل وإنْ استلزم عدم إمكان غيره ، مع أنّه لا بدّ في التوحيد من وجوده بالفعل ونفي إمكان غيره . وأجاب عنه جمال الدين أيضاً ب : ( أنَّ إمكان اتّصاف شيء بوجوب الوجود يستلزم اتّصافه به بالفعل وهو مستلزم لوجوده بالفعل بالضرورة ، فإذا استفيد منها إمكانه تعالى يستفاد وجوده أيضاً ، إذ كلّ ما لم يوجد يستحيل أنْ يكون واجب الوجود ) [2] . أقول : أمّا قوله رحمه الله : ( إنَّ إمكان اتّصاف شيء بوجوب الوجود ) . . إلى آخره ، فهو مسلَّم ، لكنّه لا ربط له بالمُدّعى إذ لم يقدّر ممكن اتّصافه بوجوب الوجود ليستلزم الوجود الفعلي . وأمّا قوله رحمه الله : ( فإذا استفيد منها إمكانه تعالى يستفاد وجوده أيضاً ) . ففيه : أنَّ المُورِدَ قد سلَّمَ الدلالة على الوجود ، وإنّما أراد إثبات الدلالة على
[1] التعليقات على شرح اللمعة الدمشقية : 4 . [2] التعليقات على شرح اللمعة الدمشقية : 4 .