عليه ، ومع إظهار الحامد إيّاه بقولٍ أو فعلٍ يكون المُنْبِئ هو المظهر لا الاعتقاد لأنَّ المُراد إشعار الفعل في حدّ ذاته بالتعظيم ، بحيث لو اطَّلع عليه لأنبأ عَنهُ فعلًا لا شأناً كما قيل لأنّ هذا المُنْبِئ ثبتت له هذه الحيثيّة عند الاطَّلاع ، فتأمّل . أو أنَّ المراد إشعاره بالنظر إلى الغير . ولا ريب في إفادة الاعتقاد الجناني ذلك لجواز الاطَّلاع على اعتقاد الحامد بإخبار غيره أو نفسه أو فعله ، فيتحقّق الإنباء في الاعتقاد بالنسبة إلى الغير بجعل المُنْبِئ حقيقة نفس الاعتقاد ، لتحقّق معنى الإنباء فيه وإنْ انضمّ إليه الفعل والقول المطَّلعان عليه ، وإنباء أحد الأمرين عن الآخر لا ينفي إنباء الآخر . ولا يخفى على ذوي الأنظار أنّ الاطَّلاع على الاعتقاد بالإخبار لا يستلزم أنْ يكون المُنْبِئ هو الاعتقاد لأنّ الأخبار بالمُنْبِئ لا يُنْبِئ عن التعظيم حقيقةً بلا واسطة ، وإنّما يُنْبِئ عن الاعتقاد المُنْبئ عنه ، فإنباؤه عنه إنّما كان ثانياً وبالعرض ، لأنّ المُنْبِئ عن المُنْبِئ عن الشيء مُنْبِئٌ عن ذلك الشيء . فالمُنْبئ حقيقةً بلا واسطةٍ أوّلًا وبالذات ليس إلَّا الاعتقاد ، وتلك الأشياء وسائط له ، كما لا يخفى على النقَّاد . كما لا يخفى أنَّ ظاهر التعميم للأقسام الثلاثة في التعريف كون كلّ منها حمداً مستقلا على الانفراد ، بل لم ينقل المناقشة فيه عن أحد من العلماء الأمجاد ، إلَّا إنَّ المنقول عن المحقّق الشريف في ( حواشي شرح المطالع ) أنَّه قال : ( إنَّ الذكر اللساني والعمل الأركاني لا يكون شيءٌ منهما حمداً عرفيّاً ما لم يطابقهما الاعتقاد الجناني ) [1] . بل ربّما قَيَّد بعضهم الأوَّلَين بما إذا لم يخالف أحدهما الآخر أيضاً ، وهو قريبٌ من الاعتبار ، إذ لو خالف أحدهما الآخر أو خالفهما الاعتقاد خرجت عن حيِّز الحمديّة وانتظمت في سلك الاستهزاء والسخرية . بل ربّما يستفاد ذلك من قولهم في التعريف : فعلٌ يُنْبِئ عن تعظيم المنعم من حيث إنَّه منعم أو لكونه منعماً ، فإنَّه لمّا كان الباعث عليه الإنعام كان هناك تعظيم
[1] انظر حاشية المطوّل ( حسن الچلبي ) : 43 ، وفيه : ( لا يكون شكراً ما لم يطابقه الاعتقاد ) .