وجلالتها كذلك زائدة عليها كمَّاً لتواترها وعدم انقطاع أفرادها ، بل تناهي الثانية وعدم تناهي الأولى يوجب اضمحلالها في مقابلتها ويجعلها كالمعدومة بالنسبة إليها . والتحقيق : أنَّ شيئاً ممّا ذكر لا يثمر فرقاً بين الكمّ والكيف لرجوع وجه الزيادة كيفاً إليها كمّاً إنْ لم يكن انطباقه على الكمّ أظهر . ولا يوجبُ الزيادة الكميّة الحقيقيّة ، إذ ليست الزيادة في نفس المعنى المصدري وإنّما هي باعتبار زيادة متعلَّقة من المرحومين ، حيث عمَّ الرحمن جميع الخلق وخصّ الرحيم المؤمنين . اللَّهم إلَّا أنْ يراد الفرق في الجملة ولو بالاعتبار ، فاعتبروا يا أُولي الأبصار . الثاني : أنَّ الرحمن مختصٌّ به تعالى فلا يُوصَفُ ولا يُسمَّى به غيره ، دون الرحيم ، وإليه الإشارة بقول الصادق عليه السلام : « الرحمن اسمٌ خاصٌّ بصفةٍ عامّة ، والرحيمُ اسمٌ عامٌّ بصفة خاصّة » [1] . انتهى . وأمّا تسمية مسيلمة برحمن اليمامة وقول شاعرهم فيه : . . . * فأنتَ غيثُ الورى لا زلتَ رحماناً [2] فهو تعنّتٌ في الكفر وخروجٌ عن قانون اللغة ، فلا يعتد به . ولهذا الاختصاص ذهب ابن مالك ، وجماعةٌ [3] إلى أنّه عَلَمٌ له تعالى ، ولهذا يوصف ولا يوصف به ، والأكثر على أنّه وصفٌ مختصٌّ به لا عَلَمٌ له ، والاختصاص لا يستلزم العلميّة ، وعدم الوصف به إمّا لأنَّه لاختصاصه به أجري مجرى العَلَم أو أنّه شرعيٌّ لا لغويٌّ . واستدلال بعضهم للعلميّة بإشعار بعض الآيات بها كقوله تعالى : * ( الرَّحْمنُ . عَلَّمَ ،
[1] مجمع البيان 1 : 22 ، التفسير الصافي 1 : 81 . [2] لرجل من بني حنيفة يمدح مسيلمة الكذاب . الكشاف ( الزمخشري ) 1 : 7 ، الدر المصون في علوم الكتاب المكنون 1 : 62 . [3] الجامع لأحكام القرآن 1 : 106 .