كذلك تجعلها بسملةً لنفسها ، كالدرهم الواحد في أحد نصب الزكاة ، فإنّه كما يصدق أنَّه زكاة لما انضمَّ إليه ، كذلك يصدق أنَّه زكاة لنفسه ، ولكن لا يخلو من خدش وتأمّل . أو نمنع الدور والتسلسل بانقطاع السلسلة ولو بانتهائها إليها لأنّ ما يوجد بالغير لا بدّ أنْ ينتهي إلى الموجود بالذات كوجود الأشياء المنتهى إلى وجود الواجب بنفسه ، ودسومة الأشياء المنتهية إلى دسومة الدسم بالذات ، وإليه الإشارة بقوله تعالى : * ( وأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى ) * [1] . وحينئذٍ فابتداء غير البسملة بها ، وابتداؤها بها . ونظيره قول الصادق عليه السلام : « خَلَقَ الله المَشِيئةَ بِنَفْسِها ثَمّ خَلَقَ الخَلْقَ بِالمَشِيئَةِ » [2] على بعض الوجوه في الحديث . ثمّ إنّ الشّائع على ألسنةِ أصحابنا في هذا المقام هو الاستدلال بالخبر المشهور : « كلّ أمر ذي بالٍ لم يبدأ فيه بِبِسْمِ الله فهو أبتر » [3] . وهو بهذا اللفظ غير وارد من طرقنا ولا موجود في شيء من كتب أخبارنا ، وإنّما هو من الأخبار العاميّة ، أخرجه المدني وابن مسعود والرهاوي عن أبي هريرة [4] ، ولعلَّه بناءً منهم على ما اشتهر بينهم من التسامح في أدلَّة السنن . وحيث اشتمل على لفظ الابتداء وقعوا في الإشكالين المشهورين من معارضته بحديث الابتداء بالحمدلة الذي أخرجه أبو داود والنسائي عن أبي هريرة عنه صلى الله عليه وآله [5] ، ومحالية الابتداء بالبسملة ضرورة أنَّ الابتداء إنّما هو بالباء فقط ، وسيأتي الجوابُ عن الأول في الكلام على التحميد . وأمّا الجواب عن الثاني فبما قيل من تنزيل البسملة منزلة البسيط الخالي عن شائبة التركيب ، فيلزم من الابتداء بشيء منه الابتداء به بكماله وذلك لأنّ الكلّ كما تُلاحظ معه أجزاؤه كذا قد يلاحظ شيئاً واحداً مع قطع النظر عن أجزائه ، وتصير