وارتكبوا حرصاً على تنقيحه الأخطار ، وعطَّروا بالتأليف فيه أرجاء الأقطار ، فمِنْ مبسوطٍ كافٍ وافٍ في تنقيح دلائله ، ومختصرٍ نافعٍ معتبرٍ في جُمل عُقوده ومسائله ، ومهذّبٍ رائعٍ حاوٍ لعناوينه وعوائده ، ومستندٍ كاشف لرموزه ولثامِ قواعده ، وروضِ جنانٍ جامعٍ لمقاصده ، ودروسٍ كانت تذكرةً وذكرى لُأولي الألباب ، وموجزٍ كان غُنيةً ومُقنعاً في إيضاحه على نهجٍ عُجاب . شكر الله سعيهم وأدام من مياه الرضوان سقيهم . وكان ممّا انتظم في سلك هذا العقد الشريف ، وانخرط في هذا السمط الطريف ، الكتاب المسمّى ب : ( اللمعة الدمشقيّة في فقه الإماميّة الاثني عشريّة ) ، فإنّه وإنْ كان صغير الحجم إلَّا إنّه غزير العلم ، فعنَّ لي أنْ أُخرجه بشرح يحلّ مشكلاته ، ويفتح مقفلاته ، خالٍ من الإطناب المُمِلِّ ، والإيجاز المُخِلِّ ، فلم أزل أُقدِّمُ رِجلًا وأُؤخِّر أخرى ، ولم أدرِ أيّ الحالين أحرى لما أنا عليه من قلَّة البضاعة باختلال الأحوال ، وجلة الإضاعة باختلاف الأهوال ، حتى هجمت العوائد الرّبّانيّة على موائد الفوائد السبحانيّة ، فتوجّهتُ تلقاء مدين هذا الشأن ، وأجريتُ جياد الفكر في فيافي ذلك الميدان ، واثقاً بالملك المنّان في إنجاح المطلوب وإصلاح الشأن ، وسمّيته : ( هداية البريّة إلى أحكام اللمعة الدمشقيّة ) . وأسأل الله أنْ يوفّقني لإتمامه والفوز بسعادة اختتامه ، وأنْ يجعله خالصاً لوجهه الكريم إنَّه ذو الفضل العظيم والطول العميم ، وقد أحببتُ أنْ أفتتحه بذكر أحوال مؤلِّفه الجليل تيمُّناً بذكره الجميل . حياة الشهيد الأول فأقول سائلًا منه تعالى التسديد في كلّ مقولٍ - : هو العالم العامل ، والحبر النحرير الكامل ، سمط جَرِيدةِ [1] الأماثل ، وواسطة عِقد الأفاضل ، الإمام في الفنون