وبهذا الوجه يصحّ جعله رحمه الله الحمدَ علَّةً لطلب تمام النعمة المستلزم للزيادة ، ومع أنّ الذي تترتّب عليه الزيادة إنّما هو الشكر لا الحمد ، كما قال عزَّ من قائل في الكتاب المجيد : * ( لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ ولَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ ) * [1] ، بناءً على أنَّه أراد هنا الحمد العرفي الذي هو مرادف للشكر اللُّغَوي ، فحينئذ لا حاجة إلى تأويل الحمد إلى معنى الشكر كما فعله الشارح قدس سره . معنى النعمة والنعمة في الأصل مصدر بمعنى الحالة المستلَذَّة ، ككون الإنسان عالماً أو عابداً . أُطلقت على نفس الشيء المستلَذِّ ، تسميةً للسبب باسم المسبّب . وفي ( القاموس ) [2] : ( النعمة بالكسر المسرّة . واليد البيضاء الصالحة كالنعمى بالضم ) . وهي على ما فيه أيضاً : ( الخفضُ والدِّعة والمال ) . وفي ( مجمع البحرين ) [3] : ( والنعمة : اليد ، وهي الصنيعة والمنّة ، وما أنعم الله به عليك ) انتهى . وقد يُراد بها ما يقصد به النفع والإحسان لا لعوضٍ ولا لغرض ، وبهذا عرَّفها صاحب كتاب ( التعريفات والاصطلاحات ) ، والشهيد رحمه الله في الشرح ، مع اختلاف يسير في التعبير [4] . وقد تطلق النعمة أيضاً في لسان الأئمّة عليهم السلام تارة على الدين والإسلام [5] ، وتارة عليهم [6] وعلى موالاتهم ومحبّتهم [7] ، كما هو ظاهر من تتبّع . وفي كلام بعض علمائنا : إنَّ نعمه سبحانه على كثرتها وتعذّر حصرها إمّا أخروي روحاني كغفران ذنب ، أو جسماني كأنهار العسل ، وإمّا أخروي كسبي روحاني ،
[1] إبراهيم : 7 . [2] القاموس المحيط 4 : 256 . باب الميم فصل النون . [3] مجمع البحرين 6 : 179 نعم . [4] كتاب التعريفات : 106 ، الروضة البهية 1 : 10 . [5] البحار 24 : 53 / 9 ، 35 / 366 . [6] تفسير العياشي 2 : 246 - 247 / 2 ، البحار 24 : 51 / 2 - 4 و 53 / 8 ، 10 و 54 / 16 - 18 ، وغيرها . [7] البحار 24 : 52 / 7 و 54 / 16 .