في موضوعاتها ، إذاً فما الداعي إلى البحث في علل الأحكام وأن نفهم الحكمة في كلّ حكم منها ؟ ألا يمكن الاكتفاء بهذا المقدار الإجمالي من علمنا بأنّ جميع الأحكام الشرعيّة لا تخلو من حكمة مقرّرة دون الدخول في التفاصيل ؟ وفي مقام الجواب على هذا السؤال نقول : إنّ ( العلم التفصيلي ) بالحكمة والغاية في علل الأحكام ذو فائدة لا تتحقق بالاقتصار على العلم الإجمالي المشار إليه ، لأنّ الإنسان إذا علم بالمصالح والمنافع الكامنة في أحد الواجبات ، أو أحاط بالمفسدة لحرام من المحرّمات ، فسوف يقوى فيه الدافع والباعث بشكل حتمي على أداء ذلك التكليف ، أو ترك ذلك الحرام ، كما أنّ المريض الذي اطَّلع على خواص الأدوية المعطاة له بشكل تفصيلي ، وأدرك بعقله الإضرار والمفاسد المترتبة على المحذورات والممنوعات ، فلا ريب أنّ الداعي لتناول تلك الأدوية المرّة واجتناب الأطعمة الضارّة سيضحي أقوى بكثير ، ومن الواضح أنّ أحد الأسباب في طرح هذه المباحث في كلمات النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) والأئمة المعصومين - سلام الله عليهم أجمعين - هو هذه المسألة بالذات . والنتيجة : أوّلا - أنّنا يحق لنا البحث عن علل الأحكام واستقصاء الغاية منها . وثانياً - أنّ هذا البحث ليس بحثاً علمياً صرفاً ، بل إنّ له فائدة عينيّة وعمليّة لعموم المكلَّفين .