بعد الحكم المزبور : هذا اختيار الشيخين ، ثم تردد هو بنفسه في ذلك . ثم إنه لا بد من تعميم عنوان البحث رجما وجلدا لجريان الاشكال في كلا المقامين وعدم انحصاره بصورة الاحصان والرجم . وكيف كان فالظاهر أنه لا خلاف في اعتباره في المرأة المزني بها ولو كان خلاف فهو شاذ جدا [1] . وأما بالنسبة إلى الرجل فقد اختلفوا في ذلك - كما صرح بذلك المحقق قدس سره - فذهب جمع من الأعلام كالشيخ المفيد وشيخ الطائفة والصدوق والقاضي وابن سعيد إلى عدم اشتراط ذلك في الزاني ، واعتبره فيه الآخرون . وهنا بحث وهو أنه هل يجوز ويمكن تكليف المجنون كي يجوز عقوبته بالرجم أو الجلد ؟ وهل الرجم أو الحد عقوبة للزاني المجنون أو هو تعبد محض ؟ الظاهر - بالنسبة إلى الثاني - هو أنه من باب العقوبة وحينئذ فإذا جاز رجم المجنون أو جلده فلا بد من أن يجوز لله تعالى عقابه في الآخرة أيضا . وعلى الجملة فالعقوبة مترتبة على مخالفة التكليف ، والتكليف منوط ومشروط بالعقل فبدونه لا يمكن التكليف فإنه يصح حيث كان هناك أثر ، والمجنون لا يدرك التكليف كي يتأثر به وإن كانت له أعمال وحركات يأتي بها على طبق إرادتها الحيوانية لكنه لا درك له فلا يصح تكليفه ، والتذاذه بالشهوات الجنسية لا يدل على دركه كما في الحيوانات . ولذا فإني أتعجب من تعرض العلماء لهذا البحث وذهاب بعضهم إلى حد الزاني المجنون أو رجمه ولا أدري لماذا وقع هذا البحث منهم وهذا النظر من بعضهم ؟ واستدل القائلون بعدم اعتبار العقل في الرجل وأنه يرجم المجنون مع احصانه ويجلد مع عدمه برواية أبان بن تغلب قال : قال أبو عبد الله عليه السلام إذا
[1] قال السيوري في التنقيح الرائع الجلد 4 الصفحة 330 : اعلم أنه لا حد على المجنونة اجماعا .