إسم الكتاب : الدر المنضود في أحكام الحدود ( عدد الصفحات : 498)
في حكم فرار الزاني في وسط الجلد ثم إن ما مر كله كان حكم فرار المحكوم بالرجم ، فلو فر المحكوم بالجلد في أثنائه فلا ينفع الفرار منه شيئا وإن كان قد أصابه بعض تلك الجلدات وكان قد ثبت موجبه باقراره ، وذلك لدلالة الآية الكريمة على جلد الزانية والزاني مأة جلدة فهو واجب بلا كلام ولم يرد دليل على سقوطه فلذا يجب الاكمال إذا فر وهرب في أثنائه ، هذا مضافا إلى ورود الرواية الصريحة في ذلك . فعن محمد بن عيسى بن عبد الله عن أبيه قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : الزاني يجلد فيهرب بعد أن أصابه بعض الحد أيجب عليه أن يخلى عنه ولا يرد كما يجب للمحصن إذا رجم ؟ قال : لا ولكن يرد حتى يضرب الحد كاملا قلت : فما فرق بينه وبين المحصن وهو حد من حدود الله ؟ قال : المحصن هرب من القتل ولم يهرب إلا إلى التوبة لأنه عاين الموت بعينه وهذا إنما يجلد فلا بد من أن يوفى الحد لأنه لا يقتل [1] . فترى أنها صريحة في وجوب رده واجراء الحد عليه بكامله . نعم هنا نوع اجمال بالنسبة إلى ذيل الرواية ، وما وقع من السؤال والجواب ، فإن الراوي سئل عن الفرق بين مورد الرجم الذي لا يرد الهارب ومورد الجلد الذي يرد ، فأجاب عليه السلام بأن المحصن هرب من القتل ولم يهرب إلا إلى التوبة لأنه عاين الموت بعينه الخ . ولعل المراد أنه حيث عاين الموت لما قد رآه من الرجم فقد تاب لأن من عاين الموت فهو بالطبع يتوب من معاصيه . لكن يلزم على هذا عدم قبولها كما في قصة فرعون حيث إنه قد تاب بعد ما عاين الموت فردت توبته قال الله تعالى : حتى إذا أدركه الغرق قال : آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنوا إسرائيل وأنا من المسلمين الآن وقد عصيت قبل
[1] وسائل الشيعة الجلد 18 الباب 35 من حد الزنا الحديث 1 .