الشرك . لكن الرواية في نفيه عليه السلام إلى بلاد الشرك ليست منحصرة في هذه وقد مر نقل بعضها عن الخلاف ، والظاهر هو صدق النفي والتغريب فيكتفى بصدق هذين العنوانين سواء كان إلى بلاد الاسلام أو إلى ديار الكفر بحسب ما تقتضيه المصلحة ، وما ذكره في الوسائل فهو خلاف ظاهر الرواية . وعلى هذا فلا بد من أن يكون قوله عليه السلام في رواية سماعة : ليس ينبغي للإمام أن ينفيه من الأرض التي جلد فيها إلى غيرها فإنما على الإمام الخ [1] محمولا على الكراهة أو غير ذلك من الوجوه غير المنافية للتخيير والإناطة بالمصلحة . وإن كان مقتضى القاعدة هو الاقتصار على بلاد الاسلام وعدم نفيه إلى بلاد الكفر إلا بدليل قاطع وذلك لأنه من مصاديق التعرب بعد الهجرة وهو حرام بلا كلام . وأما ما ذكره الأردبيلي قدس سره من عدم جواز نفيه إلى بلد يخرج عن تحت حكومة هذا القاضي قائلا : الثامن التغريب الاخراج عن البلد الذي زنا فيه إلى بلد آخر لا عن تحت حكومة قاضي تلك البلدة انتهى ، فلم يظهر له وجه أصلا ومقتضى كلامه أنه لو كان في جنب البلد بلد آخر له قاض مستقل فإنه لا يجوز اخراجه إلى ذاك البلد ، وهو مشكل ، وليس في الروايات ولا في الكلمات مما ذكره عين ولا أثر . ومنها ما هو الحد المعتبر في البعد من البلد ؟ الظاهر عدم ورود تحديد له في الأخبار سوى ما حكي عن الفقه الرضوي عليه السلام : حد التغريب خمسون فرسخا ، ومن المعلوم أن فقه الرضا بنفسه لا يصلح للافتاء به ولم نعثر على من قيد النفي بذلك . وأظن أني رأيت في رواية أنه ينفى إلى موضع يقصر فيه الصلاة [2] .
[1] وسائل الشيعة الجلد 18 الباب 24 من حد الزنا الحديث 4 لكن بنقل التهذيب على ما تقدم . [2] أقول : لم أعثر إلى الآن على هذا الخبر نعم ورد ذلك في كلمات الشيخ ففي المبسوط الجلد 8 الصفحة 3 من كتاب الحدود : وحد التغريب أن يخرجه من بلده أو قريته إلى بلد آخر وليس ذلك بمحدود بل على حسب ما يراه الإمام . وقال قوم : ينفيه إلى موضع يقصر فيه الصلاة حتى يكون في حكم المسافر عن البلد الخ .