يقدم الشاهد على الشهادة به من دون أن يطالب منه ذلك ، فتكون الشهادة به شهادة الحسبة التي لا حاجة فيها إلى مدع يدعي هذا المطلب بل قد يجب فيما يتوقف تركه بذلك . والمراد من الحسبة هو الأمور التي لا بد من إقامتها وحفظها والاهتمام بأمرها ، والشارع لا يرضى بتركها واهمالها ، فيجب على كل من قدر على ذلك من المكلفين إقامة ذلك نهيا عن المنكر ، وما مر من استحباب تركها ، لعله فيما كان بقدر الكفاية موجودا . تصديق المشهود عليه أو تكذيبه قال المحقق : ولا تسقط الشهادة بتصديق المشهود عليه ولا بتكذيبه . أقول : مذهب الأصحاب أنه لا أثر لتصديق المشهود عليه كما لا أثر لتكذيبه سواء كان مرة أو مرات . وأما العامة فاختلفوا في الفرض الأول أي تصديق المشهود عليه ، فذهب أبو حنيفة إلى أنه لو صدقهم لخرج عن باب الشهادة ودخل تحت باب الاقرار ويترتب عليه أحكامه بناء على أنه يحتاج إلى الشاهد لغير المقر وأما المقر فلا ، وعليه فلو أقر مرة أو مرتين أو ثلاث مرات فلا أثر له وأما إذا أقر أربع مرات فإنه يحد حد الزنا . قال الشيخ في الخلاف : إذا شهد عليه أربع شهود بالزنا فكذبهم أقيم عليه الحد بلا خلاف وإن صدقهم أقيم عليه الحد وبه قال الشافعي ، وقال أبو حنيفة : لا يقام عليه الحد لأنه يسقط حكم الشهادة مع الاعتراف ، وبالاعتراف دفعة واحدة لا يقام عليه الحد . دليلنا عموم الأخبار التي وردت في وجوب إقامة الحد إذا قامت عليه البينة ولم يفصلوا . أقول : وما ذكره المخالف إنما يتم على مذهبه وممشاه من التمسك بالاستحسانات العقلية والاعتبارات الذهنية فإنه يقول : يؤخذ بشهادة الشهود إذا كان المجرم أو المتهم منكرا وأما إذا كان هو بنفسه يقر بالمعصية فهناك لا مورد