نام کتاب : الحدائق الناضرة نویسنده : المحقق البحراني جلد : 1 صفحه : 233
والتمسك بأصالة الطهارة هنا ضعيف ، لما حققناه سابقا [1] من أن أفراد الكلية القائلة : " الماء كله طاهر حتى يعلم أنه قذر " إنما هي الأشياء المقطوع بطهارتها شرعا والمعلومة كذلك بالنسبة إلى الأشياء المقطوع بنجاستها شرعا والمعلومة كذلك ، فإنه لا يحكم بخروج بعض أفراد الأول إلى الثاني إلا بعلم ويقين . والغرض منه كما عرفت هو دفع الوساوس الشيطانية والشكوك . وعدم معارضتها للعلم واليقين الثابت أولا . وإن الماء من أفراده ما هو طاهر يقينا وهو ظاهر ، ومنه ما هو نجس يقينا وهو القليل المعلوم ملاقاة النجاسة له ، فالكلية المذكورة قد أفادت أنه لا يخرج عن الحكم الأول إلى الثاني إلا بعلم ويقين . وهذا الماء المختلف السطوح إذا كان قدر كر ولاقت النجاسة بعض أجزائه ليس بمقطوع على طهارته ولا على نجاسته بل هو مشكوك فيه . وبالجملة فالشك المنفي في مقابلة يقين الطهارة هو ما كان شكا في عروض النجاسة لا شكا في سببية النجاسة . والتمسك بالاستصحاب إنما هو فيما إذا دل الدليل على الحكم مطلقا كما هو التحقيق في المسألة . وهو في موضع البحث ممنوع ، لما عرفت . ودلالته عليه قبل عروض النجاسة لا تقتضي انسحاب ذلك إلى ما بعده إلا بدليل آخر ، لتغاير الحالين . وينشأ من اطلاق الأخبار بأن بلوغ الماء كرا عاصم له عن الانفعال بالملاقاة . والأخبار الدالة على التحديد بالمساحة وإن أفهمت بحسب الظاهر اعتبار الاجتماع فيه إلا أنه ، إن أخذ الاجتماع فيها على الهيئة التي دلت عليها فلا قائل به اجماعا ، وإن أخذ الاجتماع الذي هو عبارة عن مجرد تساوي السطوح فلا دلالة لها عليه صريحا . مع معارضته بظهور احتمال محض التقدير كما تضمنته أخبار التقدير بالوزن . وباقي الوجوه المذكورة وإن تضمنت نوع مناسبة لذلك إلا أن الظاهر أنها لا تصلح لتأسيس حكم شرعي .