ومضى منه مقدارها فرأت الدم ، وأمّا إذا رأت قبل ذلك فالأمر بالعكس ، والاستصحاب يقتضي عدم التكليف ، والتمسك بعدم القول الثالث مشترك بين الطرفين ، نعم يمكن التمسك بأنّها كانت طاهرة فتستصحب الطهارة ، إلَّا أنّه معارض بعمومات كثيرة وغيرها مما ستعرف . وإن أراد منه العمومات ، ففيه : أنّها مخصصة بالحائض لا بما علم حيضها ، والحيض اسم لما في نفس الأمر ، مثل الفاسق في قوله تعالى : * ( إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ ) * [1] وغير ذلك ، فمن أين علم أنّها داخلة في الحائض أو في غير الحائض ؟ ! إذ الأول هو المستثنى ، والثاني هو المستثنى منه . فإن قلت : إن المستثنى منه هو المكلف أي البالغة العاقلة ، وهذه لا شك في دخولها فيها ، وأمّا دخولها في الحائض فمشكوك فيه . قلت : لو كانت داخلة في المستثنى منه قطعا يلزم من ذلك خروجها من المستثنى قطعا . وإن أردت أن قبل الاستثناء كانت داخلة قطعا وبعد الاستثناء يحصل الشك في خروجها فالأصل بقاؤها على حالها . قلت : إن أردت أن الحكم تعلق بالجميع ثم خرج البعض فما علم خروجه يحكم بالخروج ، وما شك فالأصل بقاؤه ، فلا شك في فساد ذلك ، إذ ليس هذا من العموم والتخصيص في شيء بل هو نسخ وتمسك بالاستصحاب ، إذ حكم العام لا يتعلق بالأفراد إلَّا بعد خروج الخاص فيتعلق بما بقي ، فالأصل عدم التعلق إلَّا بما علم تحققه به ، وكونها بالغة عاقلة لا يكفي للعلم بالتعلق ، لأنّه لم يبق على إطلاقه وعمومه قطعا ، لخروج