الجائر المعسر بمال غير مقدور عليه مقدور على الآخر ، جاز للمكره بالفتح رفع الضرر المعسور عن نفسه بإضرار الغير المقدور له ، ولو بسرقة ذلك المال وبذله للجائر ، وإن ضمن السارق غرامته عند الميسرة والقدرة ، كجواز الغصب والسرقة عند المجاعة والمخمصة بقدر حفظ الرمق متضّمنا قيمته وغرامته . وما كان معسورا على كلّ منهما أو ميسورا على كلّ منهما لا يجوز رفعه عن نفسه بإضرار الغير مطلقا ، سواء كان الضرر متوجّها بالأصالة إلى نفس المكره أو غيره ، لعدم الترجيح بلا مرجّح ، وأمّا الترجيح بأقلّ الضررين فإنّما هو فيما توجّه الضرران إلى شخص واحد لا إلى شخصين . * قوله : « إذ لا تعادل نفس المؤمن شيء . فتأمّل » . * [ أقول : ] إشارة إلى أنّ قوله عليه السّلام : « لا تعادل نفس المؤمن شيء » إنّما هو مورد وجوب ترجيح الراجح من قاعدة ارتكاب أحد القبيحين اللازم على المكلَّف ، كما في أكل مال الغير لرفع المخمصة وحفظ النفس المحترمة ، لا فيما دار الأمر بين ارتكاب أقلّ القبيحين من شخص لرفع الأقبح من شخص آخر ، فإنّه خارج عن مورد ارتكاب أقلّ القبيحين ، ولو كان الأقلّ من أصغر حقوق الله والأكثر من أعظم حقوق الناس والنفوس المحترمة . أو إشارة إلى أنّ قوله : « حرمة مال المؤمن حرمة دمه » [1] إنّما يقتضي المساواة في الحرمة لا عموم التسوية حتّى في السقوط بالتقيّة ، حتّى إنّ وجوب حفظ الأعراض وأموال الأيتام لا يزيد على وجوب حفظ الصوم والصلاة الساقط بالإكراه والتقيّة ، ولا يبلغ حدّ الدماء غير الجاري فيه حكم الإكراه والتقيّة . * قوله : « وأما الإضرار بالعرض بالزنا ونحوه ففيه تأمّل ، ولا يبعد ترجيح
[1] الوسائل 8 : 598 ب « 151 » من أبواب أحكام العشرة ح 9 .