العقول فإنّما هو على قبحه ونقصه الذاتي لا حرمته الشرعيّة ، فإنّ الإخبار بخلاف الواقع كذبا لا يزيد قبحا ونقصا على الخباثة والقذارة والقساوة والشقاوة الذاتيّة التي في أولاد السفاح والشياطين من النفوس الخبيثة الشريرة ، ومع ذلك لم تترتّب العقوبة على مجرّد الخباثة الذاتيّة والشقاوة الأصليّة قبل إبرازها بالمخالفة الفعليّة . إلَّا أن يفرض الكذب في الجملة كالكذب على الله سببا أو كاشفا عن سوء السريرة والتجرّي الحرام عقلا ، أو أنّ المراد من حرمته الحرمة في الجملة الأعمّ من الحرمة النفسيّة والغيريّة ، أو الكبيرة والصغيرة ، أو المقتضي للحرمة لا العلَّة التامّة ، وإلَّا لكان حرمته كالظلم من مستقلَّات العقل الآبية من التخصيص بالمسوّغات ، والبحث عن تلك المحتملات والمباحثات . * قوله : « وكتب الله عليه بتلك الكذبة سبعين زنية » [1] . * [ أقول : ] ووجه تضاعف عقوبته بسبعين زنية أنّ الكاذب مع وجود خوف كشف الخلاف فيه واسوداد وجهه وسقوطه عن أعين الناس ، ليس على كذبه شيء من القوى الشهويّة الباعثة على الزنا ولا الغضبيّة الباعثة على الظلم ، وكلَّما ضعف سببه تضاعف عقوبته ، كزنا المحصن والمحصنة والشيخ والشيخة . ولهذا يقبل توبة المرأة والمرتدّ الملَّي دون الرجل الفطري ، ويقتل ساحر المسلم دون الكافر ، ويكفر المستحلّ ولو لم يفعل المعصية ، ولا يكفر الفاعل ولو أصرّ بالمعصية . * قوله : « هذا أولى من تقييد المطلقات المتقدّمة » . * [ أقول : ] وجه الأولويّة أنّ إثبات كون الكذب على الله من الكبائر لا ينفي ما عداه حتى يقيّد المطلقات ، بخلاف المطلقات ، فإنّها نافية للتقييد بدون المقيّد . * قوله : « ويستفاد منه أنّ عظم الكذب باعتبار ما يترتّب عليه من
[1] مستدرك الوسائل 9 : 86 ب « 120 » من أبواب أحكام العشرة ح 15 .