وزنا ومعنى وحكما ، لأن معناه ما يبذل بقصد التفضّل والإحسان ، لا لغرض فساد وبطلان ، على عكس الرشوة ، محكوم عليه بالحسن والرجحان لا الحرمة والبطلان ، بالأدلَّة الأربعة . وإن أريد بها معناها المجازي بقرينة الحكم عليه بالغلول والسحت ، فهو وإن كان كذلك إلَّا أن معناه ما يبذل ظاهرا وصورة على وجه الهديّة والإحسان ، ومعنى وباطنا بقصد الرشوة والبطلان مطلقا ، سواء قصد منه الحكم بتوسّط إيثار المودّة الموجبة له أم بدون الواسطة ، فإن ذلك غير فارق معنى ولا حكما بين الرشوتين ، بل الفارق الخفاء والظهور في البين . مضافا إلى أنه لو سلَّم الفارق المذكور بينهما لزم تقديم الهديّة على الحكم لا تأخيرها ، لامتناع تأخّر السبب عن المسبّب ، والحال تأخيرها في تفسير السحت بقوله عليه السّلام : « هو الرجل يقضي لأخيه حاجته ثم يقبل هديّته » [1] . * قوله : « وللرواية توجيهات » . * أقول : أمّا وجه احتياجها إلى التوجيه فلمخالفة حرمة الهديّة بعد قضاء الحاجة ، لظهورها في معنى العطيّة والإحسان الممدوح عقلا ونقلا . وأمّا التوجيهات فيجمعها أن قبول الهديّة للقاضي الحاجة إمّا أن يكون مع قصد كلّ من الباذل والقابل الرشى في القضاء والإهداء ، أو مع قصد الباذل لا القابل ، أو العكس ، أو لا مع قصد أحدهما الرشى . وأمّا في صورتي قصد الباذل الرشى فتحرم الهديّة ذاتا ونفسا ، لكونها الرشى اسما وحكما . وأمّا في صورتي عدم قصد الباذل فهي وإن لم تحرم ذاتا ونفسا ، لعدم صدق الرشى اسما ، إلَّا أن مقتضى ظاهر الرواية ، وعموم « هدايا العمّال غلول
[1] الوسائل 12 : 64 ب « 5 » من أبواب ما يكتسب به ح 11 .