ومن ناحية أخرى اننا لا نملك نصا معتبرا يدلنا على أن كل فرد يملك الكمية التي يحوزها من تلك المواد المعدنية إذا لم تتجاوز عن القدر المعقول من حاجته ، واما إذا تجاوزت فلا يملك الزائد ، بل اننا لا نملك دليلا يدلنا على أن حيازة الكمية من هذه المعادن التي تكون من المباحات الأصلية انما تمنح ملكيتها إذا لم تكن مزاحمة للآخرين وضيقا عليهم ، بل لا مانع من الحكم بملكيتها حتى في هذا الفرض ، لأن المراد بمزاحمتهم ليس مزاحمة لحقوقهم المتعلقة بتلك المواد المعدنية وتضييعا لها ، فإنها غير جائزة جزما ، ولا اثر لحيازتها على أساس انها متعلقة لحقوقهم ، بل المراد منها عدم إتاحة الفرصة لهم للانتفاع بها والاستفادة منها من دون أن تكون لهم علاقة بها مطلقا حتى على مستوى الحق ، لفرض انها من المباحات الأولية ، ففرض سبق علاقة لاحد بها خلف . فالنتيجة : ان المراد من المزاحمة هو ان قيامه بعملية استخراج تلك المواد المعدنية وانتاجها بقدر أكبر من حاجته مانع عن قيام الآخرين للانتفاع بها . نعم على ولي الأمر ان يمنعه من مزاحمة الآخرين - فبما إذا كان الآخرون بحاجة ماسة إليها - تحقيقا للتوازن والعدالة الاجتماعية وسوف نشير إليه . إلى هنا قد استطعنا ان نخرج بهذه النتيجة : وهي ان ما نسب إلى المصادر الفقهية - من أن الاسلام لا يسمح للفرد ان يملك من المواد المعدنية كمية تتجاوز عن قدر حاجته - لا يقوم على أساس صحيح حيث قد عرفت انه لا دليل عليه ، لا لدى الشرع ، ولا لدى العقلاء ، فاذن لا مانع من تملكه منها كمية أكبر من مقدار حاجته