الكلب ، بالاقتران والاشتراط ، كذلك توجد أشياء كثيرة ، اقترنت بتلك المنبهات الطبيعية للانسان ، فأصبحت منبهات شرطية له ومن تلك المنبهات الشرطية : كل أدوات اللغة . فلفظة الماء - مثلاً - تطلق نفس الاستجابة ، التي يطلقها في الاحساس بالماء . بسبب اقترانها واشتراطها به . فالإحساس بالماء ، أو الماء المحسوس : منبه طبيعي ، ولفظ . ( الماء ) : منبه شرطي ، وكلاهما يطلقان في الذهن ، استجابة من نوع خاص . وقد افترض بافلوف لأجل ذلك نظامين إشاريين . أحدهما : النظام الإشاري ، الذي يتكون من مجموعة المنبهات الطبيعية ، والمنبهات الشرطية ، التي لا تتدخل فيها الألفاظ . والآخر : النظام الإشاري المشتمل على الألفاظ والأدوات اللغوية ، بصفتها منبهات شرطية ثانوية : فهي منبهات ثانوية ، إشطرت بمنبهات النظام الإشاري الأول ، واكتسبت بسبب ذلك ، قدرتها على إثارة إستجابات شرطية معينة . والنتيجة التي تنتهي إليها آراء ( بافلوف ) هي : أن الإنسان لا يمكنه أن يفكر بدون منبه ، لأن الفكر ليس إلا استجابة من نوع خاص للمنبهات . كما أنه لا يتاح له الفكر العقلي المجرد ، إلا إذا وجدت بالنسبة اليه منبهات شرطية ، اكتسبت عن طريق اقترانها بالإحساسات ، نفس الإستجابات التي تطلقها تلك الأحاسيس . وأما إذا بقي الانسان رهن إحساساته ، فلا يستطيع أن يفكر تفكيراً مجرداً ، أي أن يفكر في شيء غائب عن حسه . فلكي يكون الانسان كائناً مفكراً ، لا بد من أن توجد له منبهات ، وراء نطاق الإحساسات نطاق المنبهات الطبيعية . ولنفترض أن هذا كله صحيح . فهل يعين ذلك أن اللغة هي أساس وجود الفكر في الحياة الانسانية ؟ . كلا فإن إشراط شيء معين بالمنبه الطبيعي ، لكي يكون منبهاً شرطياً ، يحصل تارة ، بصورة طبيعية . كما إذا اتفق أن اقترنت رؤية الماء بصوت معين ، أو بحالة نفسية معينة ، مرات عديدة ، حتى أصبح ذلك الصوت أو هذه الحالة ، منبهاً شرطياً ، يطلق نفس الاستجابة التي كان يطلقها الاحساس بالماء .