المادية الديالكتيكية . . وقد مر بنا في ( فلسفتنا ) أن هذه الثنائية تزوير على البحث الفلسفي . يستهدف ، من ورائه اتهام كل خصوم المادية الجدلية ، بأنهم تصوريون مثاليون ، لا يؤمنون بالواقع الموضوعي للعالم ، بالرغم من أن الإيمان بهذا الواقع ، ليس وقفاً على المادية الجدلية فحسب ولا يعني رفضها بحال من الأحوال ، التشكيك في هذا الواقع أو إنكاره . . . وكذلك القول في حلقنا الجديد ، فإن الإيمان بالحقيقة الموضوعية لمجتمع ، ولأحداث التاريخ ، لا ينتج الأخذ بالمفهوم المادي ، فهناك واقع ثابت لأحداث التاريخ ، وكل حدث في الحاضر أو الماضي قد وقع فعلاً وليس هو من مزايا المادية التأريخية فحسب ، بل يؤمن به كل من يفسر أحداث التأريخ أو تطوراته ، بالأفكار ، أو بالعامل الطبيعي ، أو الجنسي ، أو بأي شيء آخر من هذه الأسباب . كما تؤمن به الماركسية ، التي تفسر التاريخ بتطور القوى المنتجة . فالإيمان بالحقيقة الموضوعية ، هو نقطة الانطلاق لكل تلك المفاهيم عن التاريخ ، والبديهة الأولى التي تقوم تلك التفسيرات المختلفة على أساسها . وشئ آخر : أن أحداث التأريخ بصفتها جزءاً من مجموعة أحداث الكون تخضع للقوانين العامة ، التي تسيطر على العالم . ومن تلك القوانين . شيء آخر لا يمكن أن يوجد صدفة وارتجالاً ، وإنما هو منبثق عن سبب . المبدأ - مبدأ العلية - على المجال التأريخي يكون البحث التأريخي غير ذي معنى . فالإيمان بالحقيقة الموضوعية لأحداث التأريخ ، والاعتقاد بأنها تسير وفقاً لمبدأ العلية ، هما الفكرتان الأساسيتان لكل بحث علمي ، في تفسير التأريخ وإنما يدور النزاع بين التفاسير والاتجاهات المختلفة ، في درس التأريخ ، حول العلل الأساسية ،