وكان رسول الله ( ص ) كما جاء في سيرته الشريفة يسأل عن الشخص إذ أعجبه مظهره ، فإن قيل له ليست له حرفة ولا عمل يمارسه ، سقط من عينه ، ويقول : إن المؤمن إذا لم تكمن له حرفة يعيش بدينه [1] . وفي عدة أحاديث جعل العمل جزءاً من الايمان وقيل ( ( إن أصلاح المال من الايمان ) ) [2] وقيل في حديث نبوي آخر : ( ( ما من مسلم زرع زرعاً أو يغرس غرساً فيأكل منه الانسان أو دابته إلا وكتب الله له به صدقة ) ) [3] . وفي خبر عن الإمام جعفر أنه قال لمعاذ - وهو أحد أصحابه ممن كان قد اعتزل العمل - يا معاذ أضعفت عن التجارة أو زهدت فيها ؟ فقال معاذ : ما ضعفت عنها ولا زهدت فيها ، عندي مال كثير ، وهو في يدي وليس لأحد عليّ شيء ، ولا أراني آكله حتى أموت . فقال له الإمام : لا تتركها فان تركها مذهبة للعقل [4] . وفي محاورة أخرى رد الإمام على من طلب منه الدعاء له بالرزق في دعة ، قال له : لا أدعو لك أطلب كما أمرك الله عز وجل [5] . ويروى عن جماعة من الصحابة أنهم اعتكفوا في بيوتهم وانصرفوا إلى العبادة . عند نزول قوله تعالى { وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ } [6] وقالوا قد كفانا . فأرسل إليهم النبي قائلاً : إن من فعل ذلك لم يستجب له عليكم بالطلب [7] . وكما قاوم الإسلام فكرة البطالة وحث على العمل ، كذلك قاوم فكرة تعطيل بعض ثروات الطبيعة ، وتجميد بعض الأموال ، وسحبها عن مجال الانتفاع
[1] المستدرك ج 2 ، ص 415 . [2] الوسائل ج 12 ، ص 40 ، الحديث 31985 . [3] صحيح البخاري ج 10 ، ص 147 ، الحديث 2170 ، مع اختلاف . [4] الوسائل ج 12 ، ص 6 ، الحديث 21856 . [5] الوسائل ج 12 ، ص 10 ، الحديث 21871 . [6] الطلاق / 2 . [7] الوسائل ج 12 ، ص 15 ، الحديث 21891 .