وتجيب الماركسية على السؤال الثاني أيضاً : بأن الوسائل المنتجة تولد الحركة التاريخية ، طبقاً لتطوراتها وتناقضاتها . وتشرح ذلك قائلة إن القوى والوسائل ، لها شكل خاص من أشكال الإنتاج . فالإنتاج الذي يعتمد على الأدوات الحجرية البسيطة ، يختلف عن الإنتاج القائم على السهم ، والقوس ، وغيرهما ، من أدوات الصيد ، وإنتاج الصائد ، يختلف عن إنتاج الراعي أو المزارع ، وهكذا يصبح لكل مرحلة من تاريخ المجتمع البشري ، أسلوبه الخاص في الإنتاج ، وفقاً لنوعية القوى المنتجة ، ودرجة نموها وتطورها . ولما كان الناس في نضالهم مع الطبيعة ، لاستثمارها في إنتاج الحاجات المادية ليسوا منفردين ، منعزلاً بعضهم عن بعض ، بل ينتجون في جماعات وبصفتهم أجزاء من مجتمع مترابط ، فالإنتاج دائماً ومهماً تكن الظروف إنتاج اجتماعي . ومن الطبيعي حينئذ ، أن يقيم الناس بينهم علاقات معينة ، بصفتهم مجموعة مترابطة خلال عملية الإنتاج . وهذه العلاقات - علاقات الإنتاج - التي تقوم بين الناس ، بسبب خوضهم معركة موحدة ضد الطبيعة ، هي في الحقيقة علاقات الملكية ، التي تحدد الوضع الاقتصادي ، وطريقة توزيع الثروة المنتجة في المجتمع وبمعنى آخر : تحدد شكل الملكية - المشاعية ، أو العبودية ، أو الاقطاعية ، أو الرأسمالية ، أو الاشتراكية - ونوعية المالك ، وموقف كل فرد من الناتج الاجتماعي . وتعتبر هذه العلاقات ( علاقات الإنتاج ، أو علاقات الملكية ) - من وجهة رأي الماركسية - الأساس الواقعي ، الذي يقوم عليه البناء العلوي للمجتمع كله فكل العلاقات السياسية ، والحقوقية ، والظواهر الفكرية ، والدينية مرتكزة على أساس علاقات الإنتاج ( علاقات الملكية ) . لأن علاقات الإنتاج ، هي التي تحدد شكل الملكية السائد في المجتمع ، والأسلوب الذي يتم بموجبه تقسيم الثروة على أفراده . وهذا بدوره ، هو الذي يحدد الوضع السياسي ، والحقوقي والفكري ، والديني ، بصورة عامة .