ولكي نستوعب هذا التعريف ، يجب أن نعرف : أن جميع مصادر الثروة الطبيعية الخام ( 1 ) في الإسلام لا يجوز للفرد العمل فيها وإحياؤها ما لم يسمح الإمام أو الدولة بذلك ، سماحاً خاصاً أو عاماً ( 2 ) ، كما سيأتي - في فصل مقبل - عند دراسة مبدأ تدخّل الدولة ، الذي يتيح لها الإشراف على الإنتاج ، وتوزيع العمل والفرص بشكل سليم . فمن الطبيعي للإمام على أساس هذا المبدأ ، أن يقوم باستثمار تلك المصادر ، بممارسة ذلك مباشرة ، أو بإيجاد مشاريع جماعية ، أو بمنح فرص استثمارها للافراد ، تبعاً للشروط الموضوعية والامكانات الإنتاجية ، التي تتوفر في المجتمع من ناحية ، ومتطلبات العدالة الاجتماعية من وجهة نظر الإسلام من ناحية أخرى . فبالنسبة إلى معدن خام - مثلاً - كالذهب قد يرى من الأفضل أن تمارس الدولة استخراجه ، وإعداد الكميات المستخرجة في خدمة الناس . وقد يجد الإمام ذلك غير ممكن عملياً ، لعدم توفر امكانات الإنتاج المادية ، لاستخراج الكميات الضخمة من قبل الدولة ابتداءً ، فيرجح إنتاج الأسلوب الآخر ، بالسماح للافراد أو الجماعات ، باحياء منجم الذهب واستخراجه ، لتفاهة الكميات التي يمكن استخراجها . وهكذا يقرر الإمام أسلوب استثمار الخام من المصادر الطبيعية ، وسياسية الإنتاج العامة ، في ضوء الواقع الموضوعي ، والمثل المتبنى للعدالة . وفي هذا الضوء ، نستطيع أن نفهم دور الاقطاع ومصطلحه الفقهي ، فهو أسلوب من أساليب استثمار المواد الخام ، يتخذه الإمام حين يرى أن السماح للافراد باستثمار تلك الثروات ، أفضل الأساليب للاستفادة منها في ظرف معين . فاقطاع الإمام منجم ( 1 ) أي : الموات التي لم تستثمر بعد . ( 2 ) لاحظ جواهر الكلام ج 16 ، ص 133 و 134 وج 38 ، ص 11 .