وعملية الإحياء في قطاع الدولة حرة ، يجوز لكل فرد ممارستها دون إذن خاص من ولي الأمر ، لأن النصوص الآنفة الذكر أذنت لجميع الأفراد بالإحياء ، دون تخصيص ، فيعتبر هذا الإذن نافذ المفعول ما لم تر الدولة في بعض الأحايين المصلحة في المنع . وهناك في الفقهاء من يرى : أن الإحياء لا يجوز ولا يمنح حقا ، ما لم يكن بإذن خاص من ولي الأمر ، ولا يكفي الإذن الصادر من النبي ( ص ) في قوله : من أعمر أرضا فهو أحق بها [1] لأن هذا الإذن صدر من النبي بوصفه حاكما ورئيسا للدولة الإسلامية ، لا باعتباره نبيا ، فلا يمتد مفعوله مع الزمن بل ينتهي بانتهاء حكمه . وعلى أي حال : فلا شك أن لولي الأمر أن يمنع عن احياء بعض أراضي الدولة ، وأن يحدد الكمية التي يباح لكل فرد احياؤها من تلك الأراضي ، إذا اقتضت المصلحة العامة ذلك [2] . ونخلص من أحكام الأراضي الموات إلى النقاط الآتية : أولاً : أنها تعتبر ملكاً للدولة . وثانياً : أن احياءها من قبل الأفراد جائز مبدئياً ، ما لم يمنع عنه ولي الأمر . وثالثاً : أن الفرد إذا أحيى أرضاً للدولة وعمرها ، كان له فيها الحق ، الذي يخوله الانتفاع بها ، ويمنع الآخرين من مزاحمته فيها ، دون أن تصبح الأرض ملكاً خاصاً له . رابعاً : للإمام أن يتقاضى من الفرد المحيي للأرض خراجاً لأن رقبة الأرض ملكه . ويفرض هذا الخراج وفقاً للمصلحة العامة ، والتوازن الاجتماعي . وللإمام أيضاً أن يعفو عن الخراج في ظروف معينة ، ولاعتبارات استثنائية نجد ذلك في السيرة النبوية المقدسة [3] .
[1] صحيح البخاري ج 3 ، ص 140 ، مع اختلاف في العبارة ، والخلاف ج 3 ، ص 525 ، والسرائر ج 2 ، ص 381 وجواهر الكلام ج 38 ، ص 11 . [2] لاحظ الوسائل ج 6 ، ص 373 . [3] لاحظ المبسوط ج 2 ، ص 29 ، والوسائل ج 6 ، ص 364 ، وص 373 ، الباب 2 .